النباء اليقين

حرية الحماقة والسبق المؤذي !!

الهدهد / مقالات

عبدالملك سام

أنا أصدق المرتزقة وهم يتكلمون بحرقة على شاشات التلفزيون أو عبر الصحف! أولاً هؤلاء معذورون لأنهم أصبحوا بلا وطن بعدما اختاروا أن يكون الريال والدرهم وطنا لهم، وهم لابد أن يبذلوا جهدا خرافيا ليستحقوا ما ينالوه، فسيدهم السعودي يمر بأزمة مالية، ومن الممكن أن يقلص عدد المرتزقة بأي لحظة.. أما لماذا أصدّق حرقتهم على اليمن فموضوع آخر، فهم يحبون يمن الأمس بصدق، من ذا الذي لا يحب البلد الذي يسرقه دون أن يحاسبه أحداً؟! أما اليمن اليوم فلن يحبوها بكل تأكيد، فالوطن بالنسبة لهم – كما قلنا – هو الريال والدرهم فقط!

نأتي للشق الثاني للموضوع ، وأني بصدق لا أعرف كيف أصف هذه النوعية من الناس ، ولنبدأ من البداية .. قبل مدة نزل تعميم للأخوة الإعلاميين بعدم الحديث عما يجري في جبهة مارب، فتلك الفترة كنا ما نزال في مفاوضات عقيمة مع إخوان الشيطان لحقن دماء اليمنيين، وما يهمنا في الأمر أن الكثيرين يومها هزوا رؤوسهم تعبيرا عن موافقتهم بأن نلتزم بالتوجيه، فماذا حدث؟! وعلى حد علمي لم ينزل تعميم جديد يلغي التعميم الأول.

لك أن تتخيل عزيزي القارئ ماذا يمكن أن يحدث عندما يخالف صحفيون وإعلاميون كبار التعليمات، وأترك لخيالك أن ترى ماهي عواقب مخالفة التعليمات التي سيفعلها الصغار طالما والكبار هم من بدأ!! المشكلة أنني عاتبت أحدهم مذكراً أياه بخطورة الأمر فما كان منه ألا أن رد علي بأن هذه “حرية التعبير”، وبأن “زمان القمع انتهى”، ……الخ! فتركته غضبان أسفا على أني بعدها بساعات قابلت أحد الإعلاميين في الجبهة وتحدثنا ..

كما أخبرني صديقي هذا فإن جهة إعلامية ما مشهورة قامت بنشر خبر اعتمادا على مصدر غير رسمي ، والخبر يقول أن الجيش واللجان وصلوا إلى منطقة وهو خبر غير صحيح طبعا ، فقام إعلام العدوان بتلقف الفرصة وتصوير المنطقة المذكورة ودمجها مع خبر الجهة التابعة لنا !! وبهذا رفعوا معنويات مرتزقتهم، فقد أصبح المرتزقة مصدقين أن الأخبار التي نذكرها نحن (كلها) كذب، والفضل للأخوة أصحاب حرية التعبير!!

أعرف أن بعض المجاهدين يتحملون جزءاً من الخطأ ، وكلنا يتذكر مأساة أسرى نجران يوم أن انتشر خبر استسلامهم فبادر العدوان بقصف الأسرى وخسرنا يومها مجاهدين كانوا يحاولون تهريب أسرى المرتزقة ، ولكن الجزء الأهم من المسؤولية تقع على ذلك الإعلامي المتعلم والعارف بخطورة أمر كهذا ، ومحاولات السبق الصحفي لم تؤد بنا سوى لتحمل المزيد من الدماء على عاتقنا ، فالقيادة لها رؤية خاصة أفضل منا ، ويمكن الاعتماد فقط على ما يتم نشره عبر الإعلام الحربي أو القنوات الرسمية ، وما يفعله البعض لا يندرج تحت حرية التعبير كما يقولون بل تحت حرية الحماقة والبلادة !!

توبوا إلى الله، أثبتوا في مواقعكم، واثبتوا على مواقفكم وشرفكم الإعلامي، والتزموا بموقف العقل والمنطق، وكلنا نتذكر ماذا حدث في معركة أحد وما حصل في مواقف أخرى خلال هذه السنوات من العدوان السعودي الأمريكي، وكل الخوف أن نكون نحن من سببنا الأذى للمجاهدين في الجبهة من أجل سبق صحفي يمكن أن يطيح بجهود جيشنا واللجان الشعبية، ويمكن أن يطيح بسمعة جبهتنا الإعلامية التي حازت سمعة جيدة خلال هذه السنوات.. الوعي يا أحبائي، والله من وراء القصد .