النباء اليقين

زهراء العصر شريكة في الصمود والتنمية(2)

ابراهيم الهمداني

تلك هي المرأة اليمنية، “زهراء العصر” ، التي أذهلت أهل السماء قبل أهل الأرض، وهي تخوض معركة الدفاع المقدس، وتواجه الظالمين المعتدين، بشجاعة وثبات وصبر، مجاهدة مؤمنة صابرة صادقة، لم يثنها فقرها المادي، عن دفع ثمن الحرية باهضا، ولم يمنعها عجزها وصعفها عن بلوغ المستحيل وإحراز أعلى مراتب القوة والقدرة، فأعطت عطاء من استغنى بالله عن كل ما سواه، ونسفت نسائمُ إيمانها، وأنوار يقينها مداميكَ ألوهية الظالمين، وغطرسة الجبابرة الطغاة المستكبرين.

قدمت أباها شهيدا، وحملت مسئوليته في من يعول، ووقفت في مكانه، ورابطت في مترسه، كي لا يبقى مكانه بفراغه ثغرة للأعداء الطامعين، وقدمت أخاها وابنها وزوجها، وحملت أحمالهم، صابرة محتسبة، وتجرعت مرارات الفقد، وفواجع الرحيل المستمر، وأدمنت آلام الفراق اللانهائي، لترسم من تفاصيل حرب الإبادة الوحشية، ونيران الصواريخ المدمرة، وتفحم أشلاء الأطفال، ونزف أوردتها، ومشاهد الدمار الفضيعة، لوحة من التضحية اللامحدودة، وأيقونة من الصمود المتعالي، والشموخ والتحدي، الذي لا ينهزم ولا ينكسر، ولا تزيده مشاريع الإبادة والموت الممنهج، وثقافة المحو والإجرام، إلَّا قوة وصلابة وعزيمة وثبات.

تلك هي المرأة اليمنية، التي قدمت نصفها قربانا لله تعالى، وكسرت جبروت الطغاة، ومرغت أنوف المستكبرين، وهزمت جحافل الفراعنة المحرمين، بما تبقى منها، غير عابئة بجسامة التضحية، ولا بشراسة العدو وفتكه، جاعلة من قوته وترسانته الهائلة، نعالا لضعفها الأنثوي، وسلما في معراج بطولاتها، وعنفوان إشراقة فجرها، الذي أرعب ليل الطغاة.

ولم يكن ذلك ليتسنى لها، لولا تسلحها بالثقافة القرآنية، وتحصنها بالوعي الحقيقي، وارتوائها من منهل الحق، في مقام الاقتداء بمنطق الحق وقوة الحق، المتجسدة في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام، والمتحققة في هدي أعلام الهدى، وأئمة آل البيت عليهم السلام، الذي حملوا ذكر الزهراء عليها السلام، جيلا بعد جيل، لتظل حاضرة في مقام الاقتداء قدوة مثلى، ونموذجا أسمى، لكل نساء العالم، ونساء اليمن المجاهدات خاصة، اللواتي تعالين على جراحهن وآلامهن، ووقفن أنصافا كاملة العطاء والثبات والصبر، مطلقة القوة التمكين والتنكيل بالأعداء، معلنة في وجه العدوان الصهيوسعوأمريكي وحلفائه، صرخة ثباتها الأبدي، ومقارعتها أعتى طواغيت الأرض، في معركة مفتوحة، وصراع شامل مدمر، وشاهد حالها يقول:- “يا كبرياء الجرح لو متنا لقاتلت المقابر”.

تلك هي زهراء العصر اليمنية، صانعة المعجزات في ميدان المواجهة، أسطورة التاريخ، ومدرسة الأجيال، وملهمة الأبطال، وبوابة المجد الخالد، وآية النصر المبين، لم ينضب معينها، ولم تجدب سماؤها، ولم تمحل فصولها، فمازال فيض عطائها متواترا، ومعين سخائها غامرا، وهي تدير مشاريع التنمية، وترفد مجالات التطوع في مؤسسة بنيان التنموية، وترسم مسارات التنمية، وتقود مشاريع البناء، والنهضة الاقتصادية والزراعية والتسويق والابتكار وغيرها، لترسم بذلك لوحة العطاء الأسطوري، وتؤكد في ذات السياق اقتداءها بأنموذج العطاء الأول – فاطمة الزهراء عليها السلام – وتشرّبها عظمة تلك الشخصية المتفردة، لتتجسد زهراء العصر في أسماء كثيرة، وشخصيات ومواقع متعددة، تسير على ذات النهج، متصدرة مسيرة العطاء والبناء والتنمية والصمود، وصولا إلى تحقيق النصر المبين، على قوى الشر والطغيان، وقد أصبح ذلك وشيكا.

من الإجحاف بحق المرأة اليمنية، الحديث عن دورها ومكانتها وتضحياتها في مقال أو مقالين، أو الإلمام بسيرتها العظيمة وعطائها اللامحدود، في وقت قياسي، لأن عظمة الموقف لا يمكن أن تحيط بها الكلمات، أو تبلغها العبارات، وأقل ما يمكن أن يقال عن المرأة اليمنية، إنها أصبحت ملهمة الأجيال، ومدرسة البشرية.