النباء اليقين

بكين وواشنطن تقتربان من “حافة حرب باردة جديدة”

قال وزير الخارجية الصيني، وانج يي، إن اقتراح الصين قانونا للأمن القومي في هونج كونج جاء بسبب الاحتجاجات التي هزت المدينة العام الماضي، فضلا عن “التدخل الأجنبي المفرط وغير القانوني في شؤون هونج كونج”.
وصرح وانج فى مؤتمر صحفى اليوم الأحد بأن “الاضطرابات” التي أثارها مشروع قانون (جرى سحبه) كان من شأنه السماح بتسليم المشتبه بهم جنائيا إلى البر الرئيسى (الصين)، إضافة إلى التدخل الاجنبى فى شؤون هونج كونج يعرض الأمن الوطنى للصين “لخطر شديد”.
وقال وانج: “في ظل مثل هذه الظروف، أصبح إنشاء نظام قانوني وآليات إنفاذ لحماية الأمن القومي (في هونج كونج) أولوية ملحة … يجب أن ننجزها دون أدنى تأخير”.
وأوضح وانج أن قانون الأمن القومى المقترح فى هونج كونج، والذى ستتم مناقشته خلال الجلسة البرلمانية الحالية في الصين، لن يؤثر على حقوق وحريات سكان هونج كونج. وقال: “بدلا من أن يساورهم القلق بلا داع، يتعين أن تكون لدى الناس ثقة أكبر في مستقبل هونج كونج”.
وأصدر ما يقرب من 200 سياسي وبرلماني من 23 دولة بيانا مشتركا انتقدوا فيه خطط الصين لفرض قانون شامل للأمن القومي في هونج كونج، وحذروا من أن القانون قد يثير مزيدا من الاحتجاجات في المدينة، بحسب تقرير لإذاعة وتلفزيون هونج كونج.
من جهتها، أطلقت الشرطة في هونج كونج الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين الذين تحدوا التحذيرات وشاركوا في مسيرة وصفوها بأنها “مظاهرة ضد الشر”، وفقا لما ذكرته هيئة إذاعة وتليفزيون هونج كونج.
وجاءت المسيرة ردا على فرض بكين قانون للأمن القومي على الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي. وكانت الشرطة رفعت الرايات الزرقاء التحذيرية ثلاث مرات، على الأقل، وحذرت من أن هذا سوف يكون تجمعا غير قانوني.
وتم تمرير القانون الجديد يوم الجمعة في بداية الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، وهو الهيئة التشريعية الوطنية الصينية.
وذكرت وكالة “بلومبرج” للأنباء أن مسؤولين كبار في هونج كونج دافعوا عن خطة الصين، حيث قال وزير المالية بول تشان إنها ستساعد في تهدئة الاضطرابات السياسية المستمرة في هونج كونج، وهو التهديد الرئيسي للثقة في القطاع المالي.
وكتب تشان في منشور باللغة الصينية على موقعه الرسمي على الإنترنت: “لن يكون هناك تدخل في الحرية أو الحقوق التي يتمتع بها عامة الناس بموجب القانون، ولن تتأثر الحياة اليومية، وسوف يستمر ضمان أمن الممتلكات بشكل فعال”.
ويشعر العديد من مواطني هونج كونج بأن القانون الجديد ينتهك الحريات لأنه سيسمح للشركات الصينية بتشكيل أجهزة أمنية.
وتقول منظمات حقوقية دولية إن القانون يعني نهاية مبدأ “دولة واحدة ونظامان”.
من جهته، حذّر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأحد من أن الصين والولايات المتحدة على “حافة حرب باردة جديدة”، رافضا “الأكاذيب” الأميركية حول فيروس كورونا المستجد فيما أشار إلى انفتاح بلاده على جهد دولي لمعرفه مصدره.
وقال وانغ يي، في استمرار للحرب الكلامية المتصاعدة مع واشنطن بشأن الوباء وتحرك بكين لتشديد السيطرة على هونغ كونغ، إن الولايات المتحدة أصيبت بـ”فيروس سياسي” يجبر المسؤولين هناك على مهاجمة الصين باستمرار.
وأعلن وانغ يي أمام الصحافة “لفت نظرنا أن بعض القوى السياسية في الولايات المتحدة تأخذ العلاقات الأميركية الصينية رهينة وتدفع البلدين باتجاه حرب باردة جديدة”.
واتخذت الخلافات الطويلة الأمد بين البلدين بشأن التجارة وحقوق الإنسان ومجموعة من القضايا الأخرى بعدا جديدا منذ تفشي الوباء.
ولم يحدد وانغ ماهية “القوى” التي يشير إليها، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاد انتقادات عالمية لكيفية تعامل الصين مع الوباء، الذي أسفر عن وفاة أكثر من 340 ألف شخص.
وقال ترامب وأعضاء في إدارته إن الصين تسترت على ظهور الفيروس أواخر العام الماضي وأساءت التعامل معه.
وينظر إلى انتقادات واشنطن على نطاق واسع في الولايات المتحدة على أنها محاولة لترامب لتحويل الانتباه عن إخفاق البيت الأبيض في التعامل مع كوفيد-19.
ووجه وانغ انتقادات واضحة لطريقة تعامل الولايات المتحدة مع الفيروس، الذي أصاب عددا قياسيا من الافراد في الولايات المتحدة. وقال وانغ “أدعو الولايات المتحدة إلى التوقف عن إضاعة الوقت والكف عن إهدار الأرواح الثمينة”.
وقال إنّ الصين “منفتحة” على تعاون دولي لتحديد مصدر فيروس كورونا المستجدّ، لكنه شدد على أن أي تحقيق يجب أن يكون “بدون تدخل سياسي”.
-“وصم الصين”-
وقال وانغ “تسرع بعض الشخصيات السياسية في الولايات المتحدة الى وصف الفيروس وتسييس أصوله ووصم الصين”.
ويعتقد معظم العلماء أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر بعد ظهوره في الصين، ربما من سوق في وسط مدينة ووهان حيث يتم يتم بيع لحوم حيوانات غريبة.
ودعت حكومات، ضمنها الولايات المتحدة وأستراليا، في الأسابيع الأخيرة إلى التحقيق في مصدر الفيروس بدقة.
كما حضت منظمة الصحة العالمية بكين على دعوة خبرائها إلى التحقيق في مصدر الفيروس، لكن اقترحت الصين تقييم “الاستجابة العالمية” لـ كوفيد-19 فقط عندما ينتهي الوباء.
وتبنى أعضاء منظمة الصحة العالمية الثلاثاء قرارا قدمه الاتحاد الأوروبي في أول اجتماع افتراضي للمنظمة يقضي بتقييم التعامل الدولي مع الوباء، من دون ان يعزل الصين.
وقال وزير الخارجية الصيني أمام صحافيين “إلى جانب الدمار الناجم عن فيروس كورونا المستجد، ينتشر فيروس سياسي في الولايات المتحدة”.
وأضاف “يستغل هذا الفيروس السياسي كافة الفرص لمهاجمة الصين والإساءة لسمعتها. بعض السياسيين يتجاهلون تماما الحقائق الأساسية ويختلقون كثيرا من الأكاذيب التي تستهدف الصين ويحيكون كثيرا من المؤامرات”.
وكانت العلاقة الصينية الأميركية متوترة أصلاً منذ عامين على خلفية الحرب التجارية التي أطلقتها إدارة ترامب وفرضها رسوما جمركية على بكين.
وزاد تفشي الوباء من حدة الخلاف بين البلدين.
كذلك، نددت الولايات المتحدة ودول غربية باقتراح بكين فرض قانون أمني في هونغ كونغ لقمع الحركة المؤيدة للديموقراطية في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
لكن وانغ دافع عن هذا القانون قائلا إن يجب تنفيذه “بدون أدنى تأخير”، مضيفا أن أشهرا من الاحتجاجات التي كثيرا ما تحولت عنفية في هونغ كونغ العام الماضي ضد نفوذ الصين المتزايد في المركز المالي العالمي، “عرضت الأمن القومي للصين لخطر شديد”.
وسجلت أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجد أواخر العام الماضي في مدينة ووهان الصينية وانتشر مذاك في مختلف أنحاء العالم متسببا بوفاة 340 ألف شخص.

ا ف ب