النباء اليقين

ومضات القول الفصل في ذكرى شهيد الأمة

منير إسماعيل الشامي

الذكرى السنوية لاستشهاد القائد العلم السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه هي حقا محطة سنوية عظيمة ينبغي الوقوف عندها وقفة تأمل وتدبر في هذه الشخصية القرآنية الفريدة، ووقفة استهداء باقواله، واقتداء بتحركه، واسترشاد بمواقفه، فأقواله من نور القرآن، وحركته تنفيذ لما أمر به العباد، ومواقفه كانت كلها مواقف المؤمن الحكيم الساعي بطاقته القصوى والباذل أقصى جهده ليرضي ربه وحده لا شريك له حتى ولو أسخط الخلق جميعا.

اختار مسار الحق، واستشعر مسؤوليته كرجل مؤمن بالله واليوم اﻵخر تجاه نفسه أولا وتجاه أهله ثانيا وتجاه المجتمع الذي ينتمي إليه ثالثا ولا غرابة في ذلك فهو ومنذ نعومة أظافره في كنف القرآن، وأهل القرآن، وخاصته وهو السيد العالم الزاهد والمجاهد بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه الذي أمضى عمره مع القرآن وفي تعليمه ونشره والدعوة إليه .

فأنطلق السيد الشهيد حسين ليخلي مسؤوليته وأدرك حجم الأمانة التي على عاتقه، وعاتق كل رجل ينتمي إلى دين محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وعلى آله وعظمتها فتحرك ﻷداءها كاملة وكما يجب أن تؤدى.

وكل ذلك نتيجة ملازمته للقرآن وأهل القرآن، ذلك الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه واتخذه الشهيد القائد رفيقا له وجليسا دائما ونديما لا يفارقه في حله وترحاله فكانا معا حبيبان متلازمان يتعبدان سويا، ويتناجيان طويلا فهم كل واحد منهما صاحبه، واستلهم كلا منهما مقاصد اﻵخر، فكان لسان القرآن الناطق، ونوره البين ، ونهجه السوي القويم .


تحرك رضوان الله عليه بحركة القرآن ، داعيا حليما، ومشفقا رؤوما، وناصحا حكيما، يعلم الناس مما أتاه الله من فضله،ومحذرا لهم من ضلال الحال الذي وصلوا إليه، وكاشفا لهم القوى الخبيثة والخفية التي تجرهم بعيدا عن نورهم نحو الظلمات وتحول بينهم وبين سر قوتهم ، ومصدر عزتهم وكرامتهم ، وتدفع بهم نحو الجهل، وبين لهم اهداف تلك القوى ومأربها، وغايتها.

هجر الدنيا ومتاعها، وزهد فيها وفي نعيمها، ولم تغره زينتها أو تأسره مفاتنها، ولو كان من عشاقها لنالها بلحظة، وملكها بكلمة، ولما رفض عروض السلطة ومن يقف خلفها ورد وساطاتها ومغرياتها.

صدع بالحق ليصلح ما فسد، و يقوم به ما إعوج، ويجمع به ما تفرق، ويوحد الناس للاعتصام به و بحبل الله على الحق ويفيقهم من غفلتهم ليتداركوا الاخطار التي أحاطت بهم، ويدافعوا عن أنفسهم ودينهم وارضهم واعراضهم.

لم يدعوا يوما إلى فرقة، ولم يحرض ضد أي فئة من بني وطنه، بل كان مناديا للجميع بلا استثناء إلى العودة إلى كتاب الله والعمل به والخروج من قواقع الجمود التي فرضت على الأمة وجعلتها تتلو القرآن وتحسن تلاوته، لكنه لا يتجاوز حناجر ابناءها ولا يتجسد في حركاتهم ولا يؤثر في نفوسهم فيندفعوا لتجسيد ذلك التأثير بمواقف هدى إليها وأمر المؤمنين بها، بل على العكس من ذلك كله كانوا يتلون آياته ، ويتحركون في مواقف تخالف مواقفه.

وهذا هو مشروعه القرآني، وثقافته النورانية ، التي بينت للأمة كيف تتعامل مع القرآن وكيف تهتدي بنوره لتعود إلى قوتها وصدارتها ولذلك كان النظام الأمريكي هو وحده الذي استشعر خطورة هذا المشروع وحرك السلطة في النظام السابق لتشعل الحروب من أجل القضاء على القائد الشهيد السيد حسين رضوان الله عليه وعلى مشروعه الداعي لمولاة أولياء الله ومعاداة اعدائه.

وهذه هي الحقيقة التي انكشفت اليوم أمام الأمة وصارت في وضوحها كالشمس في كبد السماء ، ولذلك فإن ما يجب علينا نحن اليمنيون أن ندركه جيدا هو أننا اليوم معنيون بحمل هذا المشروع العظيم والتمسك به والمضي في نهجه جهاد في سبيل الله لنشره ومواجهة أعداء الله حتى يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون ، كما يجب علينا أن نتذكر أننا خذلنا علما من أعلام الهدى ولا توبة لنا عند الله تبارك وتعالى عن خذلاننا للشهيد القائد وتفريطنا في حقه إلا بحمل مشروعه ونشر ثقافته القرآنية والمضي على النهج الذي رسمه لنا حسين العصر وتلك مسؤوليتنا جميعا وجب علينا أداءها أو الهلاك دونها.