النباء اليقين

الإيمان (يمان) كهوية راسخة في المجتمع اليمني

بقلم – الدكتور/ عبدالملك عيسى

 

تطالعنا بهذه الأيام جمعة (رجب) والتي تعتبر مناسبة عزيزة على أبناء الشعب اليمني قاطبة كونها الجمعة التي دخل فيها اليمنيين إلى الإسلام على يد الامام علي عليه السلام وهي التي جعلت لهذا الشعب دوراً مميزاً وأساسياً ومهماً في المسيرة الإيمانية، وهويته الإيمانية هي على النحو الذي يقدِّم فيه النموذج المتميز الراقي، ويكون له الدور الأصيل في حمل راية هذا الدين، في الثبات على المبادئ الإيمانية في كل المحطات الحسَّاسة في واقع هذه الأمة على امتداد مستقبل هذه الأمة منذ اول يوم لها على يد الأوس والخزرج وحتى اليوم.

 

(إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن) لماذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قولا كهذا في اليمنيين الا لأن هناك في هذا البلد من أبناء هذا الشعب من يمثلون الامتداد الصادق والأصيل في انتمائهم الإيماني.

في خطاب السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه يركز على نقاط اثراءها كونها خطوط عريضة يجب العمل على تبنيها ثقافيا:

 

1 – تحمل المسئولية الأعراب أرادوا إيماناً لا مسؤولية فيه، إيماناً لا يكون الموقف جزءاً منه، لا يكون العطاء جزءاً منه، لا تكون التضحية جزءاً منه، لا يكون الجهاد جزءاً منه، أرادوا إيمان الشعائر الدينية فحسب، بل تجسد في الواقع العملي التزاماً وعملاً ومسؤوليةً وقيماً وأخلاقاً وسلوكاً، منظومة متكاملة ويستقر في قلب الإنسان، أولاً يصل إلى القلب، ثم يترك أثره في روحية الإنسان، في سلوكياته، في أخلاقه، في معاملاته، في مواقفه، فتنطبع مسيرة حياة الإنسان المؤمن بهذا الإيمان الذي يربطه بالله -سبحانه وتعالى-؛ فيعبِّد نفسه لله -جلَّ شأنه-.

 

2 – مستوى القوة المعنوية والقوة النفسية بعيداً عن حالة اليأس، بعيداً عن حالة الهزيمة النفسية، هذه القوة تقوم بحماية هذا الإنسان من اليأس، تحمي هذا الإنسان من الإحساس بالهزيمة، من الشعور بالهزيمة، تحفظ لهذا الإنسان تماسكه وثباته وقوته، ليس فقط هكذا، بمعنى: لا تقتصر المسألة على أنَّ حالتك الإيمانية، واعتمادك في الإيمان على تلك المبادئ. هي بنفسها التي توفر هذه الحالة المعنوية؛ إنما أنت على اتصال برعاية معنوية من الله، هو الذي يمنحك أيضاً هذا العطاء المعنوي المهم جداً، المتمثل بالسكينة، المتمثل بالاطمئنان، المتمثل بالربط على القلب، بما يوفر من طاقة معنوية هائلة جداً، تساعدك على الثبات مهما كانت التحديات، مهما كانت المخاطر، مهما كانت الضغوط، مهما كانت المعاناة، تقف بتلك المعنوية العالية، بتلك السكينة. فيما يعيش البعض حالةً من الانهيار النفسي، من الهزيمة النفسية، من الانكسار المعنوي، من السقوط على المستوى النفسي والمعنوي، من اليأس؛ أنت تكون بعيداً عن كل ذلك، تعيش بذلك العطاء الإلهي، بتلك الرعاية المعنوية الإلهية حالة السكينة، حالة الاطمئنان، حالة الربط على القلب، حالة رباطة الجأش، هذا يؤهلك كإنسان، يؤهل المجتمع كمجتمع للتحرك في أهم المسؤوليات، وللتصدي لكل المخاطر، ولمواجهة كل التحديات.

3 – دافع للعمل، دافع للتحرك، دافع حتى لمواجهة التحديات والأخطار، دافع للنهضة الحضارية التي الأمة في أمسِّ الحاجة إليها، الدافع الذي يُحيي في الإنسان روحاً عملية، يعرف قيمة العمل في هذه الحياة، وبالذات العمل الصالح في كل شؤون ومجالات هذه الحياة.

 

4 – مبدأ الاستقلال بمفهومه الإيماني، المنبثق عن مبدأ التوحيد لله -سبحانه وتعالى- الذي يجعل من هذه الأمة أمةً مستقلةً حرةً ترفض الطاغوت والظلم، نسعى في هذا الاستقلال أن يكون استقلالاً ثقافياً، استقلالاً لا نعيش فيه حالة التبعية بأي شكلٍ من أشكالها، لا تبعيةً ثقافيةً وفكرية، لنا مفاهيمنا، لنا ثقافتنا، لنا فكرنا، ثقافتنا المنبثقة من آيات الله -سبحانه وتعالى- هذا المبدأ المهم، هذا المبدأ العظيم الذي يبنينا كأمةٍ مستقلة، ويحصننا من العبودية والإذلال والاستعمار لصالح أعداء الأمة.

 

5 – العزة والكرامة التي هي من المبادئ الإيمانية الهامة، لآن الإيمان تتحقق به العزة، الإيمان في مبادئه وقيمه وأخلاقه تتحقق به العزة، يحقق لنا العزة بكل ما تعنيه، فلا نعيش حالة الذل والهوان لصالح أعدائنا، بل نعيش حالةً من العزة والمنعة والكرامة.

 

6- العلاقة فيما بين المؤمنين في واقعهم الداخلي، وما يفترض أن يكونوا عليه، من قيمة الرحمة، الرحمة كعنوان أساسي جداً في هذا الدين، عنوان مهم وأساسي في هذا الانتماء الإيماني، فمدلول الرحمة بكل امتداداتها في واقع الحياة، علاقة تعاون، تكافل، تآخٍ، فيما تعنيه هذه المفردة المهمة من معنى عظيم يعود إلى واقع الحياة بكله، وما لهذا من أثرٍ مهم في واقع الأمة، الأمة التي إن تحققت في واقعها الداخلي الرحمة، فهي تتكافل، وتتعاون، وتتظافر جهودها، وتعطف في داخلها على بعضها البعض، وتتعامل بالمعروف مع بعضها البعض، وتتعاون مع بعضها البعض بكل ما لذلك من أثر مهم في تعزيز الروابط بين أبناء هذه الأمة؛ فيكونون كالجسد الواحد.

 

7 – جانب الوعي، والبصيرة، والنور، القرآن الكريم يؤكِّد لنا هذه الحقيقة كواحدةٍ من أهم ما نستفيده من إيماننا بمفهومه القرآني، بمنظومته المتكاملة فكر، ثقافة، هو بالنسبة لهم هداية بكل ما تعنيه، وإرشاد إلى كل خير، إلى كل حكمة، إلى ما يحقق رضا الله -سبحانه وتعالى- إلى ما فيه الخير، إلى ما فيه الفوز، إلى ما فيه النصر، إلى ما فيه الفلاح، إلى ما به السعادة.

 

8 – ضرورة توجيه العداء نحو أمريكا وإسرائيل التي استطاع فئة المنافقين أن تتجه في علاقاتها وروابطها ومواقفها اتجاهاً سلبياً، ليس لصالح دين الله، ليس لصالح الأمة، ليس لصالح المسلمين والمؤمنين؛ إنما تنحرف في مواقفها وفي ولاءاتها، وتقف الموقف الذي هو لخدمة أعداء الأمة، وتظهر في علاقات وروابط ومواقف منسجمةً مع أعداء الأمة من الكافرين، كما نشاهده في زمننا هذا بوضوح في اتجاه بعض الأنظمة والكيانات من أبناء الأمة في ولائهم الواضح، وارتباطاتهم المكشوفة، وعلاقاتهم المفضوحة، ومواقفهم المنحرفة مع أمريكا ومع إسرائيل، وفي المقابل مواقفهم العدائية ضد أبناء الأمة، سواءً عندنا في اليمن، أو في فلسطين كأن يقوم أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي بالصلاة في بولندا ضد ما سمي بالمحرقة ضد اليهود بينما دولته السعودية تقتل آلاف اليمنيين منذ خمس سنوات.