النباء اليقين

أَهلُ اليمَن وجُمعة رجَب والحِكمَة اليمَانيَّة ..

الهدهد / مقالات

مطهر يحيى شرف الدين

جمعة رجب كانت ولا زالت وستبقى اسماً عالقاً وراسخاً في ذاكرة كل اليمنيين منذ فجر الإسلام ، ارتبطت جمعة رجب باليمن الأرض والإنسان والهوية والإيمان ولها طابعٌ ديني ثقافي يوحي بعظمة الشعب اليمني وحكمته ومواقفه الصلبة من التدخلات والإملاءات الأجنبية ومؤامرات ومخططات القوى الاستعمارية الخارجية والتي كانت لها تجارب فاشلة إثر محاولات احتلال اليمن والتحكم في مصير ووحدة الشعب اليمني العظيم ، جمعة رجب هي يوم عظيم وجليل لها مكانة خاصة في قلوب اليمنيين ولها أثر في سلوكهم ومماساتهم وطباعهم التي يسودها الألفة والود والتراحم وهم في نفس الوقت أشداء على الكفار والمنافقين ذوو حميةٍ وغيرة على دينهم ووطنهم وعرضهم وهويتهم ، تسودهم الفضيلة والقيم ،يواجهون الغازي ويناهضون المحتل ويحاربون الغاصب ويمقتون الرذيلة ويناجزون العدو ويقفون موقف رجال الرجال في أشد الظروف القاهرة التي تحاول العبث بأمن وسكينة وطنهم وأرضهم أو تحاول المساس بكرامتهم وعزتهم.

وفي أبناء اليمن يقول المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدةً الإيمان يمان والحكمة يمانية وأنا رجلٌ يمان”.

هي الحكمة إذاً نابعة من التوجه اليماني الباحث عن الحق الذي ينشد الحق والعدل والهدي والنور المبين ، هي الحكمة تتجلى صورها في التمسك بالفضيلة والقيم والعادات الحميدة والمعاملة الحسنة وهو الإيمان المغروس والمترسخ في صدور اليمانيين ، هي الحكمة اليمانية التي تجسدت في السلام والأمن والعدالة التي يدعو إليها الإسلام وهي التسامح والمروءة التي ينشدها الأحرار ويبغضها العبيد المرتهنون لقوى الطاغوت والاستكبار ، معانٍ كثيرة فسّرت ذلك القول النبوي الشريف ولها دلالات أكثر تشير إلى قوة الحضور اليماني في أروقة وأدبيات الماضي والحاضر والذي يتحدث عن الموقف الصلب و البأس الشديد ورباطة الجأش اليماني تجاه المؤامرات والأطماع الأجنبية ، الحكمة اليمانية هي الحُجة القوية على أعداء الله وهي الانتماء الصادق للإيمان والشجاعة والقوة اليمانية المستمدة من الثقة بالله والتوكل عليه ، كمالٌ في الإيمان وعلو في النفس اليمانية التي تأبى الخنوع أو الخضوع لغير الله وتأبى الارتباط والتعلق لأي كائن كان على هذه البسيطة إلا لذلك الكتاب الذي لا ريب فيه، من تمسَّك به نجا ومن ارتبط بغيره ضلَّ وهوى ، ولذلك كانت نتيجة الوثوق بالله والارتباط بكتابه أن جعل الله لعباده التمكين والتأييد على أعدائه وأعداء عباده المؤمنين ، ونتيجةً للثقة بالله والتمسك بكتابه الكريم فقد عجز الأعداء وفشلوا في انتزاع ذلك الارتباط الوثيق بالله أو حتى التأثير عليه أو المساس به، حديث رسولنا الكريم عن اليمنيين وعن طباعهم هو حديث عن الفطرة السليمة، فطرة الله المتمثلة في إرادة اليمنيين ورغبتهم الجادة في الانتماء للدين الإسلامي وفي بلوغ الكمال الإيماني والإنساني والروحي المرتبط بالقيم والأخلاق والمُثل، وواجب المجتمع المثالي الفاضل تجاه ما يمر به من محن ومؤامرات وأزمات وفتن وكيفية تعامل هذا المجتمع مع فئاته ومع محيطه ومع غيره من المجتمعات ،وكما تحدث السيد القائد عبدالملك الحوثي حفظه الله عن الشعب اليمني ورجاله في محاضرات سابقة بأنهم نواة الجيش الإسلامي الذين كان لهم الدور المهم في تقويض الإمبراطوريات الغازية وهم اليد الضاربة للأمة الإسلامية التي تواجه الطاغوت وتواجه التحديات ، يتحدث اليوم بصوة أشمل عن الشعب اليمني العزيز في كل الظروف القاهرة والأحوال المتغيرة فلا يقبل الذل والهوان أو أن يعيش منكسراً أو أن يكون منقاداً لمصلحة خارجية أجنبية طامعة أو محتلة ، ولذلك فإن الهوية الإيمانية والحكمة اليمانية تتجسد بكل معانيها وتفاصيلها في عزة الشعب اليمني المتجذرة والمترسخة في ذاكرة أبنائه بمواقفه التاريخية المعروفة.

تتجسَّد الحكمة اليمانية والهوية الإيمانية في تعلّقِ الشعب اليمني وحبهم لأئمة آل البيت عليهم السلام و بالرموز الدينية العظيمة المتبعة للنهج الإسلامي الحقيقي لما لها من أثر محمود في اتباع النهج المستقيم وأثر في نفوس اليمنيين وارتباطهم بالمناسبات وإحياء ذكرياتها السنوية لما لها من منزلة كبيرة في النفوس والأرواح المتعلقة بتلك الشخصيات الخالدة التي علمتنا معنى التمسك بالدين الإسلامي والقيم والأخلاق وعلمتنا معنى التضحيات ومعنى العطاء والبذل في سبيل الله..

فهنيئاً لنا نحن الشعب اليمني نيل هذا الشرف العظيم والوسام الكبير ونسأله تعالى أن نكون عند حسن ظن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بنا وأن نكون عند مستوى المسؤولية وأن نجسِّد ذلك القول النبوي الشريف هدياً و فعلاً وممارسات وسلوكيات ، قال تعالى ” إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا”.