النباء اليقين

أطماع السعودية في المهرة .. من مسرحية هروب “هادي” إلى سيناريوهات الهروب من مضيق هرمز

الهدهد / أخبار محلية 

منذ نهاية العام الماضي ومطلع العام الحاليّ، دفعت السعودية بقوات وتعزيزات عسكرية إلى محافظة المهرة المحتلة، وتحت شعارات زائفة وحجج واهية تبسط سيطرتها وتفرض وجودها العسكري والسياسي في المحافظة، وبحجة محاربة التهريب منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.

اليوم وبعد مرور ما يقارب الخمس سنوات على إعلان الرياض وأبوظبي عدوانهما على اليمن تؤكد الأحداث سقوط كل الأقنعة التي حاولت السعودية والإمارات ارتدائها للتغطية على تدخلهما في الشأن اليمني سياسيا وعسكريا وانكشاف السيناريوهات الحقيقية التي تخفي أطماعا وأجندات توسعية، وهي الحقيقة التي تتجلى كل يوم في الممارسات العملية على أرض الواقع للسعودية والإمارات.

وإذا ما وقفنا لقراءة المشهد السياسي والعسكري وما تقوم به السعودية والإمارات من ممارسات فسنجد أن الأشهر الأخيرة على وجه التحديد أماطت اللثام بصورة كبيرة عن مخطط هاتين الدولتين الذي يستهدف فرض السيطرة على اليمن، والانتقال من تقاسم النفوذ في المحافظات الجنوبية المحتلة إلى تقاسم المناطق الغنية بالثروات، من أجل إحكام قبضتها على مصادر النفط والغاز وغيرهما من الثروات المعدنية، وفي الوقت الذي تتولى الإمارات عمليات النهب المنظم في محافظات عدن وشبوة وارخبيل سقطرى، تتولى السعودية أمر محافظتي حضرموت والمهرة.

ميناء سعودي على المحيط

الأطماع التوسعية للسعودية في اليمن لم تعد مبنية على الظن والتخمين فقد ظهرت وثيقة مؤخرًا كشفت عن اعتزام الرياض إنشاء ميناء نفطي في محافظة المهرة ، حيث أظهرت الوثيقة رسالة موجهة من شركة متخصصة في الأعمال والإنشاءات البحرية إلى السفير السعودي في اليمن، تشكره فيها على ثقته بالشركة وطلبه التقدم بعرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء لتصدير النفط في المهرة، بحسب قناة “الجزيرة”.

الأحداث التي شهدتها محافظة المهرة والممارسات الميدانية التي تقوم بها السعودية أثبتت وبما لا يدع مجالا للشك أن التواجد العسكري السعودي لم يكن منعًا للتهريب، كما اعتقد البعض بداية الأمر، يحمل أجندات توسعية في المحافظة التي لم يكن من الصعب على سكانها قراءة نوايا وأهداف السعودية، الأمر الذي أدى إلى تأجيج مشاعر الاحتقان والغضب لدى سكان المحافظة، ومن هنا كانت الاعتصامات والاحتجاجات التي عمت مختلف المناطق.

نجحت الضغوط الشعبية في بداية الأمر وأبدت السعودية انصياعا لمطالب المعتصمين الرافضة لهيمنة وسيطرة قوات ومليشيات تتبع الرياض على مواقع سيادية في محافظتهم، ومن هنا كان الاتفاق الذي أبرم بين السلطة المحلية بالمهرة والقوات السعودية الذي جاء فيه الموافقة على معالجة القوة الموجودة في منفذ صرفيت الحدودي مع عُمان واستبدالها بقوة من الأمن العام، مع ممارسة السلطة المحلية في المهرة السيادة على منافذها البرية والبحرية والجوية، وعدم السماح لأي قوة لا تخضع لها بالتدخل في الشؤون الداخلية للمحافظة.

كما شمل الاتفاق وضع آلية لاستيراد البضائع والسلع في المنافذ الجمركية وإعادة فتح مطار الغيضة الدولي للطيران المدني، وأن تكون جميع مكونات المطار تحت إشراف وإدارة هيئة الطيران المدني، وتكون البوابات الرئيسية للمطار تحت حراسة الأمن العام (الأمن المركزي)، ما عدا البوابة الشرقية التي ستكون تحت إشراف قوات بقيادة السعودية والشرطة الجوية.

استخفاف سعودي بأهالي المهرة

عقب الاتفاق علق المعتصمون اعتصامهم لمدة شهرين، بحسب تفاهم بينهم وبين السلطة المحلية في المحافظة، وحذروا من أنهم سيعودون إلى الاعتصام حال عدم تنفيذ المطالب، غير أن ما اتُفق عليه لم يدم طويلًا، وفي الوقت الذي بدا فيه الإتفاق ناجحا إلا ان الكثير من الشكوك أحاطت بنوايا الرياض التي تعاملت مع الإتفاق باستخفاف ومن ثم انقلبت على بنوده والالتفاف عليه من جانب آخر، إذ أوعزت للفار “هادي” إصدار حزمة من القرارات والتي أقال بموجبها مسؤولين في المهرة ناصروا مطالب المعتصمين، أبرزهم علي سالم الحريزي الذي استغلت السعودية القرارات التي أصدرها “الفار هادي” ووجدت فيها مبررا دفعها إلى التخلي عن الاتفاق المبرم سلفًا، والتراجع عن تسليم المنافذ والمطارات لقوات الأمن اليمنية حسب ما هو منصوص عليه، ما يعكس إصرار السعودية على تكريس نفوذ عسكري وأمني مستدامين في هذه المحافظة على وجه التحديد.

الكثير من الشكوك أحاطت بنوايا الرياض خلال إبرام الاتفاق مع سكان المهرة، وهو ما يفسر تعاملها باستخفاف بداية الأمر مع الاحتجاجات من جانب وانقلابها سريعًا على بنود الاتفاق والالتفاف عليه من جانب آخر، فالمملكة تحركها مطامع الوصول إلى بحر العرب وتفادي التحديات الإيرانية التي تأتي من سيطرتها على مضيق هرمز، خاصة في ظل تقارير إعلامية رسمية باتت تتحدث عن القناة المائية التي تربط الخليج ببحر العرب عبر المهرة.

الهروب من هرمز

المعارضون للتدخل الأجنبي في اليمن يعتبرون الوجود السعودي في المهرة أشبه بالاحتلال، فمطار الغيضة تحول إلى ما يشبه الثكنة، فضلًا عن إقامة القوات السعودية نقاط تفتيش في المحافظة منذ نهاية العام الماضي، وسيطرتها بسرعة على مفاصل المحافظة، فيما يشير محللون إلى أن نكوص الرياض عن تعهداتها سيوسع الهوة مع سكان المهرة، وقد يفتح باب التصعيد الشعبي ضد الوجود العسكري السعودي.

جدير بالذكر أن طموح السعودية في مد نفوذها على الجزء الشرقي لليمن وبالذات المحافظات التي تحيط بها، يأتي من باب ضمان أمان حدودها وأمنها القومي، وإثبات وجودها وفرض سيطرتها وتثبيت قدمها على الأرض كما صنعت الإمارات في الجنوب، وهو ما يعني من جانب آخر تهديدًا لسلطنة عمان التي طالما وجهت اتهامات لجارتيها بالتحرش بها طيلة العقود الماضية، ما قد ينعكس على العلاقات بينهما خلال المرحلة المقبلة.

أهدف العدوان الحقيقية

اليوم ترى السعودية في اليمن الذي مزقته الحرب وهي الطرف الرئيس في عدوانها، فرصة مواتية لإنشاء هذه القناة ومد أنبوب لنقل نفطها عبر الأراضي اليمنية بالقوة، بحجة دعم شرعية هادي ، وهو الهدف الذي زعمت أنها تدخلت من أجله، لكنه تغير تماماً بعد أن كشفت طول مدة الحرب عن الأطماع السعودية والإماراتية في اليمن من خلال السيطرة على الموانئ الاستراتيجية اليمنية ومنابع الثروة النفطية وإبقائها تحت سطرتها عبر قواتها ومليشيا تدعمها.

ويرى مراقبون أن بلوغ السعودية لهذا الهدف لن يتم بوجود جيش يمني موحد تحت قيادة موحدة لذا عملت منذ وقت مبكر وعبر حليفتها الرئيسية الإمارات إلى إنشاء قوات مليشاوية تتحكم الرياض وأبوظبي بتوجهاتها وتحركاتها.

كما عملت الرياض في المقابل مؤخرا على تفتيت ميليشيا الشرعية التي شكلتها لمواجهة الجيش واللجان الشعبية بقيادة انصار الله ، المتهمة بتلقي الدعم من إيران، وعبر إضعاف القوات التي تتواجد في كل من حضرموت والمهرة لصالح المليشيا المدعومة من الإمارات بتوجيه ورضا السعودية، وكثفت وسائل الإعلام المدعومة من الإمارات والسعودية، من حملتها لتشويه صورة القوات اليمنية المنتشرة في حضرموت والمهرة واعتبرها أنها “احتلال شمالي للجنوب” وتحت هذه الذريعة دفعت السعودية والإمارات بقوات عسكرية كبيرة جردت حتى السلطة المحلية والأمنية من قراراتها في تعيين وعزل أي مسؤول يمني في هاتين المحافظتين اليمنيتين.