النباء اليقين

“رجال النصر” الحلقة (6)

الهدهد / مقالات

فاضل الشرقي

 

 لا يزال حديثنا عن فئة “رجال النصر” الذي ينبغي أن نركز عليهم، وأن نهتم بهم من عامة الناس وبسطائهم، وهم بالفعل يشكلون غالبية المجتمعات والسكان لأن الطبقة (البرجوازية) أو من هو في مستواها، أو أقل منها هم فئة ونسبة محدودة، وهم يستمدون قوتهم، وثقلهم من مواقعهم ومكانتهم سواء العلمية، أو الإجتماعية، أو المالية، أو السلطوية، ولهذا نرى دائما أن استجابتهم تكون جزئية – والإستجابة الجزئية لا تحقق الرشد- أو محدودة أو نادرة، أو في فترات متأخرة عندما يكون العلو والغلبة لأصحاب الحق، يعني أشبه شيء “بالطلقاء” أو “المتسلقون” من على أكتاف البسطاء والعامة، والشيء المؤسف هو أنهم يدخلون بنفس مشاعرهم ونفسياتهم في بعض الأحيان، ويجدون لهم متسعا على حساب أصحاب التضحيات والإستجابة الكاملة، وقد يتبؤون مناصب ومقامات عالية وقيادية عندما لا يكون المعنيين فاهمين كيف يتعاملون معهم.

 الحقيقة هي أن المستضعفين من عامة الناس هم أنصار الدين والحق والأنبياء والرسل والأعلام في كل زمان ومكان، وفي قصة نبي الله نوح وبقية الأنبياء “عليهم السلام” الدروس المفيدة جدا في هذا المجال، وفي هذا الصدد فإنه ينبغي على عوام الناس أن لا يرتبطوا ويتأثروا بهؤلاء الكبار الذين يسميهم القرآن (الملأ) أو (المستكبرين) لأنهم سيحولون بينهم وبين الإستجابة والهداية، وأن يكون عملنا معهم بهذا الشكل كيف نحررهم من هيمنة وتبعية وسيطرة الكبار والشخصيات الضاغطة؟، ولأن هؤلاء الكبار “المستكبرون” يتواصون ويتواصلون فيما بينهم ليقفوا حاجزا وسدا أمام حركة الحق واستجابة الناس، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”:

 

(هؤلاء هم القريبون جدا، هؤلاء هم من كانوا أنصار الأنبياء والأئمة، وكل أولياء الله في كل زمان، وراجعوا القرآن الكريم {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}(الأعراف: من الآية75). تجد أن نوحا في الأخير الذي لبث في قومه تسعمائة وخمسين عاما شكا من أولئك الكبار {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً}(نوح: من الآية21) كان أولئك الناس مرتبطين بكبارهم، والكبار عادة تكون لديهم قائمة طويلة عريضة من الأشياء في نفوسهم، لا يريدون أن يستجيبوا وإن عرفوا الحق، ولا يدعون الآخرين من أتباعهم أن ينطلقوا في الاستجابة للحق؛ لأنهم كما يقال في زماننا هذا: [سيأخذون أصحابك]، يتواصلون فيما بينهم الملأ هنا والملأ هناك: [انتبه اشتد في مواجهة هذا وإلا سيأخذ عليك أصحابك]. هي من ذلك اليوم قديمة هذه قديمة من ذلك الزمان. عندما ربط الصغار أنفسهم بالكبار ألم يضلوا؟ وتسعمائة وخمسين سنة لم يهتد فيها إلا القليل القليل {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}(هود: من الآية40)، وسعتهم [سفينة] ووسعت أيضا حيوانات  أخرى من كل جنس، بعد تسعمائة وخمسين سنة).