النباء اليقين

عاشوراء ثورةٌ ضد الطغيان

الهدهد / مقالات

 علي القحوم

نعزّي أمتَنا العربية والإسلامية جمعاءَ في مصابِها بفقد سبط رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ-، في اليوم العاشر من شهر محرَّم الحرام استشهد الإمَـامُ الحسينُ بن علي بن أبي طالب عليهم السلامُ، ومع ما يلفُّ هذا اليوم من الحزن والأسى والمأساة، إلا أنه يعكسُ وجهاً مشرِقاً آخرَ لهذه الأُمَّةِ التي أصبحت منتهكةَ الكرامة، ومفتقدة العزة، ولا بد أن نجعلَ من عاشوراءَ عنواناً ومثالاً بل ودافعاً لكل المظلومين، وأن تكونَ منطلقاً؛ من أجل تحقيق الحرية واستعادة عز هذه الأمة، التي أفقدها اليهود عزتَها وكرامتَها.

 

إن المؤلمَ والمؤسفَ هو أن تحصلَ مثلُ هكذا جريمة بحقِّ رجلٍ عظيم مُصْلِحٍ، تحَرّك من أجل المستضعفين والمظلومين وضحّى بالغالي والنفيس، ليعبِّدَ بدمه طريقَ العزة للأحرار من بعده إلى قيام الساعة، وأن تحصلَ هذه الجريمةُ في الساحة الإسلامية وعلى يد من يسمّون أنفسَهم قادةَ المسلمين آنذاك.

فعندما خُيِّرَ الإمَـامُ الحُسينُ -عَلَـيْهِ السَّـلامُ- بين البيعة ليزيدَ أَو مواجهة الحرب، عبّر -وبصورة تدعو للفخر والاعتزاز- بقوله: (أَلَا وإنَّ الدعيَّ ابنَ الدعيِّ قد ركَـزَ بين اثنتين، بين السلة وَالذلة، وهيهاتَ منا الذلةُ).

وبالتالي فإنَّ الثورةَ التي قام بها الإمَـامُ الحسينُ -عَلَـيْهِ السَّـلامُ- يوم عاشوراءَ وفي أرضِ كربلاءَ لم تكُنْ في يومٍ من الأيّام حدثاً تاريخياً عابراً عفا عليها الزمن، بل هي استراتيجيةٌ أكّـدت انتصارَ الدم على السيف على مرِّ العصور، وهذا ما أثبتته الشعوبُ العربيةُ المسلمة في صحوتها الإسلامية التي خرجت منتفضةً ضِدَّ الطغيان والمطالبة بإسقاطه وبشكل سلمي، وانتصرت هذه الثورات، ولا زالت الشعوب تتحَرّك في هذه الصحوة حتى إسقاط العملاء والطغاة وإسقاط الاستعمار الصهيوأمريكي في المنطقة.

إن عاشوراءَ يُعتبَرُ ثورةً ضد الطغيان وانتصاراً للدم على السيف، وَيمثّلُ لنا نبراساً يهتدي به ويرتوي منه كُـلُّ عاشقٍ للحرية والانعتاق، خَاصَّةً وأن عالمَنا اليوم يعيشُ في ظلِّ هيمنةٍ أمريكية صهيونية، ولا بد أنْ نتحَرَّكَ كشعوبٍ مسلمة؛ لنتخلَّصَ من الذلة والهوان، وأن نستمرَّ في الثوراتِ حتى إسقاط الطغاة والجبابرة وإسقاط أئمة الكفر والفساد.

كما إن الأمةَ الإسلاميةَ اليوم يَحِقُّ لها أن تفخَـــرَ بهذا الرمز الشامخ، وتستفيدَ منه كُـلَّ هذه العِبَرِ في مواجهة أعدائها، الذين استحلوا كُـلَّ الحُرَم وانتهكوا الأعراضَ وسَطَوا على ثروات الأمة، واحتلوا بلدانَها وأساءوا إلى رموزِ عزتها، وسبُّوا رسولَها وأحرقوا القرآنَ، وعلى رأس هؤلاء أمريكا وإسرائيل والأنظمةُ التي تدورُ في مدارهما وتتواطأ معهما ضد أبناء الأمة.