النباء اليقين

‘حماس’ توجه سهامها نحو تآمر الرياض على القضية

طفح الكيل ووجهت حركة المقاومة الاسلامية حماس سهامها نحو الرياض مطالبة بوقف اعتقالاتها ضد قادتها في المملكة.

حركة حماس وفي بيان لها اعلنت اعتقال سلطات السعودية احد قادتها ونجله في جدة منذ أربعة شهور وذلك ضمن حملة اعتقالات طالت العديد من الفلسطينيين المقيمين في المملكة بدواعي واهية.

بيان حماس أكد أن جهاز “مباحث أمن الدولة” السعودي، اعتقل بتاريخ 4/4/2019م، الدكتور محمد صالح الخضري ونجله الدكتور هاني، المقيمان في جدّة منذ نحو ثلاثة عقود، واعتبرت عملية الاعتقال خطوة غريبة ومستهجنة، لاسيما وأنه كان مسؤولاً عن إدارة العلاقة مع المملكة على مدى عقدين من الزمان وقالت: “إن الحركة التزمت الصمت على مدى خمسة شهور ونيّف، لإفساح المجال أمام الاتصالات الدبلوماسية، ومساعي الوسطاء، لكنها لم تسفر عن أي نتائج حتى الآن”.

'حماس' توجه سهامها نحو تآمر الرياض على القضية

ويبدو ان الاعتقالات السعودية تأتي ضمن مسلسل الاستهداف السعودي لمحور المقاومة بعد اعتبارها حماس ارهابية حيث ان الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية عمدت تاريخيا على التخلص من أزماتها الداخلية وتآكل شرعيتها الخارجية؛ على حساب المسألة الفلسطينية، من خلال التماهي مع الأطروحات الأمريكية والأوروبية التي تقوم سياساتها على اعتبار المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية قاعدة غربية متقدمة تضمن مصالحها في الشرق الأوسط، بحيث أصبحت “إسرائيل” الطريق الوحيد الضامن لاستدخال الأنظمة الدكتاتورية وشرعنتها لكسب رضى وقبول الدول الغربية. وقد شكلت التصنيفات “الإرهابوية” أحد أهم المداخل الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية؛ بهدف نزع شرعية “المقاومة المسلحة” وتفكيك بنيتها الإيديولوجية الفكرية والاستراتيجية العسكرية، وتدجينها عبر مقاربة مسالمة لإرهاب الاحتلال.

'حماس' توجه سهامها نحو تآمر الرياض على القضية

يشير مسار انحدار التصورات العربية لحل القضية الفلسطينية من أطروحة التحرير إلى أطروحة التطبيع لسلسلة من تواريخ الأزمات العربية الداخلية والإقليمية والدولية، وقد بلغت مؤخرا حدها النهائي من خلال التماهي التام مع التصورات الأمريكية والأوروبية المتطابقة مع الرؤية الإسرائيلية. فمنذ نهاية الحرب الباردة وبروز نظرية خطر “الإرهاب الإسلامي”، دخل العالم العربي في مسار مقايضة “فلسطين”. فعقب غزو النظام البعثي في العراق للكويت بدأت مسارات مؤتمر مدريد للسلام 1991، وبعد أحداث أيلول/ سبتمبر ظهرت المباردرة العربية للسلام 2002، وهي مبادرة قدمتها العربية السعودية. وحتى ذلك التاريخ كانت السعودية لا تزال تعرف حماس كحركة مقاومة، وطالما اعترضت على جهود الغرب لفرض عزلة على حركة حماس.

عقب صعود تنظيم داعش الوهابي وتنامي الحديث عن أيديولوجيته الوهابية والأثر السعودي في تعزيز التطرف العنيف، دخلت السعودية في مسار إعادة النظر في علاقتها بالسلفية الوهابية، وعمدت إلى توسيع مدارك النظر في مسألة “الإرهاب”. وفي سبيل شرعنة جهودها في محاربة الإرهاب، عملت على التماهي مع الأطروحات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية حول المسألة الفلسطينية وتعريفات الإرهاب، وأصبح وصف حركات المقاومة بالإرهاب ثيمة لازمة في تصريحات وزير الخارجية السعودية في المحافل الأمريكية والأوربية، وأصبحت متماهية مع أطروحات “صفقة القرن”، حيث قال وزير الخارجية السعودي (آنذاك) عادل الجبير، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل في 22 شباط/ فبراير 2018، إن وقف تمويل دولة قطر لحركة حماس سمح للحكومة الفلسطينية بالسيطرة على قطاع غزة، واصفا حماس بـ”المتطرفة” ليصفها المسؤولون السعوديون بـ”الإرهابية” مؤخرا.

'حماس' توجه سهامها نحو تآمر الرياض على القضية

ومع استمرار التماهي السعودي مع صفقة ترامب والتآمر الغربي على القضية الفلسطينية يتوقع ان تشدد السعودية عداوتها مع حركة المقاومة الاسلامية حماس، وربما تطال الاعتقالات القادمة المزيد من قيادات حماس في المملكة.

يذكر ان القيادي الحمساوي المعتقل الدكتور محمد صالح الخضري تقلد مواقع قيادية رفيعة في الحركة، ولم يشفع له سِنّه، الذي بلغ واحد وثمانين عاماً، ولا وضعه الصحي، حيث يعاني من “مرض عضال”، ولا مكانته العلمية، كونه أحد أبرز الأطباء الاستشاريين في مجال “الأنف والأذن والحنجرة”، ولا مكانته النضالية، التي عرف فيها بخدماته الجليلة التي قدّمها للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، داخل فلسطين وخارجها.

*العالم