النباء اليقين

الشهيد / علي محمد الكبسي، عظيم المنزلة وفضل الشهادة

1.42.pngبقلم / نصر الرويشان

علي جميل المحيا، باعي الطلعة، عفو سموح، في صنعاء كان مولده في ال11 من نوفمبر العام 1992م، أسماه أبوه عليا فعلى منزلة وشأن، كان علي طموحا ذكيا مجتهدا في دراسته ومتفوقا، مرتبا ومنظما في حياته كثيرا، لا يحب الفوضى والعشوائية، ينظم أموره، ويقتني ما يريد بعناية.
اختار تخصص هندسة نفط، واختار هذا التخصص برغم صعوبته وبرغم عدم تدريس هذا التخصص إلا في جامعة حضرموت، وبرغم كل هذا سافر ليلتحق بهذه الجامعة ويدرس هذا التخصص متحديا كل الظروف المحيطة والوحدة والمشقة، ثابر ودرس واجتهد وتميز وتفوق.
علي كل من عرفه أحبه، لا يعرف الكثير ممن قابلوه كيف أنهم تعلقوا به برغم أن الكثير منهم لم يعرفه إلا لفترة قصيرة، ومع ذلك أحبوه كثيرا، وحزنوا عليه حزنا عميقا حينما فقدوه في حياتهم، فبمجرد أن تنظر في عينيه تعرف معنى التسامح والمحبة، تتعرف على إنسان حقيقي ليس مجردا من الإنسانية والعواطف، بل تتعرف على قلب محب، ومشاعر دافئة ممتلئة حبا لله والناس أجمعين.
كان يحنو على أهله ومعارفه حتى الآخرين ممن لا تربطهم به صلة كان يعطف عليهم ويدنو منهم ولا يعرف الكبر لقلبه طريقا، هذا البطل متفائل وصادق ومبادر في نصرة الحق ودفع الظلم عن المستضعفين، وسنترك أخته تسرد لنا عنه فهي أكثر الناس قربا منه، تقول عن الشهيد:
هو رجل جميل يهوى الحياة يحب الجو الأسري، بهي الطلة حسن الطباع، يمتلك من الأخلاق ما يصنفه من العظماء يقول كلمة الحق ولو كانت العواقب وخيمة،
كان يحب السلاح من طفولته، نجا من الموت مرتين وهو ينظف السلاح، طموح جدا ومرتب، درس في حضرموت هندسة نفط، تحمل الصعاب والوحدة كي يرسم له مستقبلا، أحسده كثيرا لقد ملك حيزا كبيرا من قلب كل من عرفه.
بدأت الحرب بعد خطبته بأسبوعين، فهب مسرعا للجهاد في سبيل الله، وتصدى لموجة الغرق التي كانت ستغرق البلد، وتهوي بأهلها إلى الهلاك، وواجه داعش ومرتزقه آل سعود بكل ما يملك من قوة، وكلما أردنا ثنيه عن الذهاب إلى الجبهة لنتحجج له بحجج لسنا مقتنعين بها، خوفا عليه يجيبنا إجابة الواثق بربه المطمئن لحكمه والقانع بقضائه، يرد بكل قناعة “لن ينفعني سوى الله “!
علي تغير كثيرا في الجبهة، كان كثير التهليل والتسبيح، لا يفتأ يذكر الله دوما ويتلو القرآن بكثرة، كان ولدا مطيعا، فقد كان في جبهات القتال ومع ذلك لا ينسى أهله يتصل ويسأل على الجميع ويقول: “أتألم كثيرا عندما يدمر حتى الرصيف فإنه يوجعني قلبي على وطني”، كان يقول وهو في الجبهة: “في النصف من شعبان سيكون نصر عظيم”، وحقا كان النصر فقد صعد إلى السماء ولقي ربه، وبدأت حياته الأبدية وعدا من الله لأنه ترك الحياة وتاجر مع الله خير تجارة، أصيب برصاصة في رأسه بقناصة الساعة الخامسة عصرا عند تأمينه لعدد من المجاهدين فسقط في حضن أخيه الصغير حمزة الذي كان يرعاه كأنه أبوه ويخاف عليه وينقذه من مخاطر كبيرة، فهب أخوه حمزة ليربط رأسه كي يتوقف النزيف، وجرى مسرعا وهو يحمله والرصاص يتهاوى من كل جانب وتركه لربع ساعة كي يحضر سيارة تسعفه، ولما وصل صاح بأنين متسائلا: “أين كنت؟ لقد قلقتُ عليك” وهو في لحظات الموت وما هي إلا لحظات وفارق الحياة.
حزن حمزة حزنا شديدا وبكى أخاه بحرقة ودموعه تسيل على ذلك الوجه الطاهر، وهو يرقب أخاه وينظر إليه نظرة أخيرة.
هب القاصي والداني يعزينا بفراقه وبكت الأرض والسماء لاستشهاده.
وداعا أخي وحبيبي إلى موعد قريب، فنحن ماضون على دربكم، فأنتم مهدتم لنا الطريق، طريق الحق والاستقامة ونحن سالكوه.

هكذا كان علي ، صاحب المئاثر برغم صغر سنه ، لم يكترث لدنيا ، ولم يطمح إلا لآخرة ، فقد سعا لها سعيا” فأتت إلية مقبلة” غير مدبرة”، فلله درك يا علي أنطت رحالك إلى رحالهم ، ولحقت بركاب هم ، فأرتقيت منزلة عظيمة بجوار العظماء وبجوار الأنبياء والصديقين والأولياء والشهداء ، هنيئا لك يا بن الكرار ، يهناك الفضل يا بن فاطمة الزهراء.
جميل المحيا رجلا” أبيا
كنت شهما بطلا” قويا
فلله درك يابن فاطمة
سموت قدرا” وبدرا” بهيا
لا خير في فتية قعدوا
عن الجهاد ولم يلقوا عليا