النباء اليقين

الكيان الاسرائيلي.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!

ما يحدُثه الكيان الصهيوني من ضجة إعلامية وإطلاقه تهديدات للبنان والمقاومة، مؤشر على حالة قلق كبيرة يعيشها على ضوء التطورات الاخيرة في المنطقة، خاصة بعد هزيمته النكراء امام المقاومة الفلسطينية في غزة وكذلك سلسلة الهزائم التي لحقت به في سوريا ضمن دعمه للجماعات الارهابية أمام محور المقاومة بقيادة ايران لهدم الدولة السورية.

بعد العدوان الجوي الذي شنه طيران كيان الإحتلال الإسرائيلي على مواقع جنوب العاصمة السورية دمشق مساء الخميس الماضي، اصدر قسم الإعلام الحربي لحزب الله لبنان شريط فيديو قصير تضمن مقتطفات من الخطابات الاخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وهو يحذر كبار المسؤولين الاسرائيليين من إرتكاب اي خطأ او حماقة تتمثل في الإعتداء على لبنان.

وتظهر في شريط الفيديو، الذي يحمل عنوان “إن تجرأتم ستندمون”، صور جوية لأهداف في العمق الإسرائيلي. ويؤكد السيد نصر الله في كلماته التي يخاطب بها كبار القادة الإسرائيليين، لا تجرؤون على ارتكاب اي حماقة ضد لبنان، وبالتأكيد لو ارتكبتم أي حماقة ستندمون، وان لبنان سيرد على اي إعتداء، وسيرد على الإستهداف بالإستهداف وعلى القصف بالقصف دون اي تأخير.

امام هذا التحدي الكبير من المقاومة اللبنانية التي اثبتت جدارتها في جميع المواجهات السابقة مع الكيان الاسرائيلي، اضطر الاخير مستغلا الاوضاع الداخلية اللبنانية بسبب تأخر تشكيل الحكومة اللبنانية نتيجة الخلاف بين الفرقاء اللبنانيين، الى بدء عمليات عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة صباح اليوم الثلاثاء بحثًا عمّا يزعم أنه أنفاق تابعة لحزب الله داخل الأراضي المحتلة على طول الشريط الحدودي مع لبنان.

وصرح جيش الاحتلال في بيان، أنه سيبدأ عملية لكشف وإحباط أنفاق، قال ان حزب الله حفرها، لشن هجمات عبر الحدود مع لبنان، زاعما انه “على علم بعدد من الأنفاق العابرة إلى إسرائيل من لبنان، وإنه سيبدأ عمليته داخل حدود إسرائيل”.

وعزز الجيش أيضا قواته على امتداد الحدود الشمالية، وقال: “نعتبر أنشطة حزب الله انتهاكا صارخا وفاضحا للسلطة الإسرائيلية”، بحسب زعمه.

الكيان الاسرائيلي.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!

وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم جيش الاحتلال للاعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إن “إسرائيل” أطلقت على العملية اسم “درع الشمال”، بقيادة المنطقة الشمالية وبمشاركة هيئة الاستخبارات وسلاح الهندسة لمواجهة تلك الأنفاق.

كما زعم الناطق باسم جيش الاحتلال، رونين مانليس، أن “بناء حزب الله شبكة أنفاق عابرة للحدود، دليل على انتهاك صارخ للسيادة الإسرائيلية”، مضيفا : “إسرائيل ترى ذلك وضعا خطيرا للغاية يضر بلبنان ومواطنيه، ونحمل الحكومة اللبنانية مسؤولة ذلك، ولدينا دليل لا جدال فيه على أن الحكومة اللبنانية ليست مسيطرة على حدودها، وأن الأنفاق تبنى بنفقة إيرانية”، على حد زعمه.

ولفت مانليس، إلى أن دولة الاحتلال مصممة على إزالة ما اسماه تهديد حزب الله من الحدود الشمالية.

كما كشفت مصادر اسرائيلية، عن صدور “تعليمات” من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لأعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينت”، “بعدم إجراء مقابلات حول عملية الجيش على الحدود اللبنانية.

ويبدو ان عمليات الكيان الاسرائيلي جاءت بتنسيق مع الولايات المتحدة حيث رجحت صحيفة “إسرائيل هيوم”، أن يكون لقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي تم أمس الاثنين قد تناول عملية ما يسمى “درع الشمال”، وذكرت أن وزراء الكبينت تلقوا تعليمات بعدم التصريح بالموضوع.

الكيان الاسرائيلي.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!

وتوسعت الصحافة الإسرائيلية في الحديث عن هذا اللقاء مدعية ان الكيان الاسرائيلي يهدف بالتهديدات العسكرية ضد حزب الله الى توجيه رسالة تحذيرية شديدة الى لبنان حيث زعم رون بن يشاي، الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت، إن “هذا اللقاء العاجل يذكرنا بالرحلة الجوية التي قام بها رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت إلى الولايات المتحدة” قبيل الاعتداء على سوريا في سبتمبر 2007.

بدوره، أفاد موقع “والاه” أن رئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت عقد جلسة تقدير وضع مع قائد المنطقة الشمالية اللواء يوآل ستريك وقائد عوتسبات الجليل العميد رافي ميلاو، رئيس شعبة العمليات اللواء أهرون حليفا ورئيس شعبة الاستخبارات اللواء تامير هايمن، وفي نهايتها أوعز بالخروج إلى عملية ما يسمّى “درع الشمال” على الحدود اللبنانية لكشف وتعطيل الأنفاق المزعومة.

من جهته، قال وزير الاستخبارات الصهيوني يسرائل كاتس إن “العملية تهدف إلى إزالة تهديد خطير على “إسرائيل” وسكان الشمال”، على حدّ تعبيره.

تخوف الصهاينة من تداعيات العملية

ومن بين ردود افعال الأوساط الإسرائيلية حول العملية انتقد وزير الحرب الإسرائيلي المستقيل “أفيغدور ليبرمان” الحملة العسكرية في الشمال، معتبراً أن الجبهة في الجنوب أكثر خطورة من ما اسماه “أنفاق” حزب الله.

وقال ليبرمان: “لا يوجد حاجة ملحة للتعامل مع الأنفاق في الشمال، وجبهة الجنوب أهم وأكثر خطورة ويجب التعامل معها أولا”.

كما أعرب رئيس شعبة الاستخبارات السابق في الجيش الإسرائيلي عاموس يدلين، عن تخوفات إسرائيلية من ردة فعل حزب الله على العملية، حيث قال “لا يوجد سبباً للتصعيد إن قام الجيش بتدمير الأنفاق الواقعة داخل الأراضي الإسرائيلية”، حسب تعبيره، ولك هناك تخوفات لدى الجيش الإسرائيلي من إمكانية تفسير حزب الله للعملية على انها عمل عدائي ضد لبنان، وبالتالي تستوجب الرد ومن ثم الدخول في مواجهة شاملة.

ردود فعل لبنانية

وفي اول رد فعل للسلطة اللبنانية على الاستفزازات الاسرائيلية اعرب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل عن أمله بأن يشكل ما يحصل في الجنوب بادرة للاسراع في تشكيل الحكومة.

وقال باسيل تعليقا على التطورات في الجنوب: نأمل أن يشكل ما يحصل بادرة للاسراع في تشكيل حكومة جديدة بما يسمح لنا بمواجهة التحديات.

الكيان الاسرائيلي.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!

كما حذر المجلس الوطني للإعلام في لبنان من ضرورة عدم الوقوع في فخ الترويج للدعاية التي تقوم بها تل أبيب، وخدمة حملات التهويل والتهديد التي يروجها الكيان الاسرائيلي ضد لبنان.

ولفت المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع جميع المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية وسائر الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم الوقوع في فخ الترويج لما وصفها “الدعاية الصهيونية” وخدمة حملات التهويل والتهديد التي يروجها العدو ضد لبنان من خلال تعميم ما يريده عبر نشر الفيديوات المزعومة وبث التهديدات بالعدوان على لبنان.

وأشار المجلس اللبناني إلى أن “الجيش الإسرائيلي وزع فيديوهات وشن حملة تهديد وتهويل ضد لبنان تحت شعار البحث عن أنفاق في شمال فلسطين المحتلة”.

واعتبر المجلس في بيان أنه “الأرجح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يسعى إلى تحويل الأنظار عن ملاحقته بالفساد ما يتطلب وعيا وتضامنا لبنانيا وإدراكا إلى أن الخطر الحقيقي على لبنان يتمثل بالعدو الإسرائيلي. وهذه هي مهمة الإعلام البناء”.

هذا فيما أكدت المتحدثة بإسم قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” ماليني يانسون في تصريح حول مزاعم الاحتلال الصهيوني عن الأنفاق أن “اليونيفيل اطلعت على التقارير الإعلامية، وهي تتواصل مع جميع المحاورين المعنيين لضمان أن يستخدم الأطراف آليات الارتباط والتنسيق التابعة لليونيفيل للحفاظ على الهدوء والاستقرار المستمرين. والوضع في منطقة عمليات اليونيفيل يحافظ على هدوئه”.

الجميع على يقين بأن المعركة القادمة حال اندلاعها ستكون مختلفة كلياً بالنسبة للكيان الإسرائيلي، لأن حزب الله يمتلك منظومة من الصواريخ والقذائف عالية الدقة تمكنه من الرد على اي اعتداء يقوم به كيان الاحتلال وإحداث أضرار جسيمة وهائلة في العمق الاسرائيلي تجعله يندم على فعلته. فالاحتلال الاسرائيلي الذي تلقى ضربة موجعة في قطاع غزة قبل عدة أسابيع بعد جولة قتال استمرت 24 ساعة فقط، ينبغي ان يحفر قبره بيده هذه المرة اذا ينوي بشن عدوان جديد على لبنان والمقاومة، فهو الان ينطبق عليه القول العربي القديم “كالمستجير من الرمضاء بالنار”.