النباء اليقين

النرويج تقرر تعليق صادرات السلاح للسعودية بسبب “خاشقجي”

أثار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أحد منتقدي محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، غضبا عالميا، وبعد مرور شهر على مقتل خاشقجي، لا تزال السعودية في ورطة شديدة، وليس القتل وحده مصدر هذا المأزق، إنما إخفاء جثة الضحية وتغيّر الرواية الرسمية من الإنكار إلى الإقرار، ومن الشجار إلى الخنق، قبل الاعتراف بالتخطيط المسبق لارتكاب الجريمة.

واشنطن تتهدد السعودية بعقوبات ماغنيتسكي ؟

وهدّدت وزارة الخارجية الأمريكية بتطبيق عقوبات ضد السلطات السعودية في إطار قانون “ماغنيتسكي”؛ رداً على قتل خاشقجي.

وأكد مستشار وزارة الخارجية الأمريكية، ديفيد هيل، أن بلاده تتخذ في هذه المرحلة خطوات قوية؛ مثل إلغاء تأشيرات بعض المسؤولين السعوديين، وإمكانية تطبيق عقوبات ضمن قانون “ماغنيتسكي”.

وقال هيل، خلال ندوة عُقدت بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، اليوم الجمعة: إن “الولايات المتحدة تتابع مسار تحقيقات مقتل خاشقجي من كثب، ونُبدي حرصاً في قضيته”.

وأضاف: “لقد طلبنا من السعوديين إظهار الحقائق، وتحميل الجناة المسؤولية، وشهدنا بعض الخطوات الإيجابية لغاية الآن، إلا أنه ينبغي عليهم فعل المزيد”.

وأشار إلى أنه “من الممكن تحميل قتلة خاشقجي المسؤولية، ومواصلة التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في آن معاً”.

وقانون “ماغنيتسكي” هو مشروع قانون قُدّم من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس الأمريكي، وصدّقَ عليه الرئيس السابق، باراك أوباما، في ديسمبر 2012.

وينصُّ القانون على مُعاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي في سجنه بموسكو، عام 2009.

ومنذ 2016 والقانون مُفعّل على مستوى كل دول العالم، ما يخوّلُ الحكومة الأمريكية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم؛ من خلالِ تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة، وقد تمتدُّ العقوبات لأمور أخرى.

لماذا لجأ السعودية للأسيد للتخلص من جثة خاشقجي؟ !

أثارت الأنباء التي كشفها مصدر في مكتب النائب العام التركي اليوم من أن جثة خاشقجي تعرضت للإذابة بالكامل بواسطة “أسيد الهيدروفلوريك” تساؤلات بشأن لجوء السعوديين لهذه الطريقة من أجل التخلص من جثة خاشقجي.

وبحسب نشرات علمية فإن هذا الحمض Hydrofluoric acid يستخدم في تصنيع الألومنيوم والحفر على الألواح الزجاجية كما يستخدم في المعامل لفصل نظائر اليورانيوم.

كما أن حمض الهيدروفلوريك سائل عديم اللون ذو رائحة مهيجة ويتبخر عند تعرضه للهواء وهو حمض له صفة التآكل والإتلاف بدرجة عالية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن قبل نحو 3 أسابيع عن عثور المحققين على مواد سامة وكيماوية في بيت القنصل ومقر القنصلية وطرح تساؤلات عن مصير الجثة ليتحدث مكتب النائب العام اليوم عن العثور على عينات من هذه الأحماض داخل بئر بيت القنصل بالإضافة لشبكات الصرف الصحي المحيطة بالقنصلية.

ويرى مراقبون أن السيناريو الأقوى كان تنفيذ جريمة القتل والتخلص من جثة خاشقجي بهذه الطريقة لإخفاء أي أثر لها ثم رمي الكرة بالملعب التركي عبر الإصرار على خروجه من المقر واتهامها بالمسؤولية عن اختفائه لكن انكشاف القضية بعد ساعات من تنفيذها أفشل كل الخطط.

هل يمكن إذابة جثة إنسان بالغ؟

بحثاً عن حقيقة الظروف اللازمة لتذويب جثة خاشقجي، وما إن كانت تحتاج إلى وعاء وبيئة خاصين للتخلص منها، تحدثت الجزيرة مع المهندس التركي يوسف كاتب أوغلو، وهو متخصص في هندسة البيئة والتعامل مع المحاليل المائية والكيميائية للأجسام، وكذلك مع مختصين آخرين في الكيمياء.

بدأ أوغلو حديثه عن إمكانية إذابة الجثة بشكل كامل، إذ قال إنه بالفعل يمكن لبعض الأحماض أن تذيب أي جسم سواء أكان لحما أو بروتينا أو عظاما، ولكن بنسبة 90 إلى 95% وتبقى هنالك بعض المناطق التي يصعب إذابتها وتبقى أجزاء منها متناثرة.

وعن طبيعة الأحماض المرجح استخدامها في العملية، أوضح المختص التركي أوغلو أن حمض الهيدروفلوريك هو من أقوى الأحماض الكيميائية التي تفتّت أي مادة صلبة وتتغلغل في الجزيئات بما فيها العظام، وتبقى ما تسمى بالعقد في الكالسيوم حيث يكون هناك تركيز عالي جدا لجزيئاته، وبالتالي يصعب تغلغل الحامض وتفتيت العقد الموجودة في العظام.

أما الأوعية الخاصة التي يمكن استخدامها لإنجاز العملية فهي الزجاجية المقعرة التي لا تذوب مع الحمض ولا يستطيع أن يخترقها أو يحلل جزئياتها بسبب احتواء الزجاج على مادة “السيليكا”.

ووفقا لأوغلو فإن الحقائب الكبيرة التي تم إدخالها إلى مقر القنصلية لاحقا ومنزل القنصل من المتوقع أنها كانت تحتوي على تلك الأواني الخاصة بإذابة الجثة.

ويرجح أيضا أن الفريق السعودي الخاص بالعملية لم يقم بإذابة الجثة قطعة واحدة، لكنه يتوقع أن يكون قد قام بتقطيعها إلى 6 قطع كحد أدنى أو 12 قطعة إذا كان الهدف هو سرعة الإذابة.

ويؤكد أوغلو أن الكمية المطلوبة من حمض الهيدروفلوريك المركز لإذابة لكل قطعة من جثة الصحفي جمال خاشقجي هي من 500 إلى 1000 مليلتر (لتر واحد)، في حين قد تتطلب إذابة الجثة كاملة قرابة 20 لترا.

التخلص النهائي

وبشأن مصير الجثة بعد إذابتها، يفيد يوسف أوغلو بأن الطريقة الوحيدة للتخلص من الحمض بعد العملية هي قنوات الصرف الصحي التي ستختلط بها تلك المواد الذائبة مع المياه، وبالتالي فإن أي تحليل كيميائي لمياه الصرف يساعد في العثور على بعض الأجزاء المتناثرة من بقايا الجثة أو على خليط من مواد كلسية وبروتينية، ليس في العادة أن تكون موجودة في مياه الصرف الصحي، وذلك ما أثبتته المباحث الجنائية التركية عندما كشفت عن وجود مواد كلسية وبروتينية والحمض النووي (دي أن أي) في المياه عقب قيامها بالتحليل.

كما أن عملية إذابة الجثة بمثل ذلك النوع من الأحماض ستنتج عنها روائح قوية وكريهة وأبخرة، نظرا لتفاعلات أسيدية بروتينية كلسية بسبب التفاعل بين الحمض والجثة، ووفقًا للمهندس التركي يوسف أوغلو فإن ذلك يتطلب بالضرورة أن يكون هنالك زمن كاف لتهوية المكان.

ولعل هذه النقطة هي التي يمكن من خلالها تفسير أسباب عدم سماح القنصلية السعودية لفريق التحقيق الجنائي التركي بالدخول إلى منزل القنصل إلا بعد 14 يوما من ارتكاب الجريمة، كما ظلت بعض نوافذ المنزل طوال تلك الأيام مفتوحة وحتى المدخنة بغرض التهوية وللتخلص من الروائح والتفاعلات، وفقًا لأوغلو.

وأفاد مختصون أتراك في الكيمياء بأن الفريق السعودي المنفذ للعملية كان حريصا على التخلص من جميع الآثار والدلائل من خلال تهريبها عبر مياه الصرف الصحي وتسيير المياه بكثافة خصوصا وأن التعامل مع الحمض المستخدم يعتبر خطير جدا ولا يمكن نقله بسهولة من وعاء إلى آخر.

أقنعة خاصة

وليس بالضرورة أن يرتدي الفريق أقنعة خاصة عند تنفيذهم العملية، حسب إفادة المختصين، على اعتبار أن الغازات التي تصدر عن تفاعل الجثة والحمض ليست سامة، إذ تنبعث منها روائح كريهة وأبخرة فقط، ويقتضي الأمر الحذر في التعامل مع الحمض فقط من خلال ارتداء القفازات الخاصة والأقنعة الواقية من رذاذ الأبخرة للاحتياط أكثر وكذلك الملابس الخاصة، خصوصا وأن أجزاء صغيرة من الجثة تبقى صعبة الإذابة، ويعتقد المختصون الأتراك أنه تم دفنها في مكان ما بحديقة القنصل، أو أنها قد تكون تعرضت للهشاشة وتم تجفيفها وتفتيتها إلى قطع صغيرة والتخلص منها بحملها في الحقائب التي غادر بها الفريق.

وعن كيفية الحصول على مثل تلك الأحماض الكيميائية التي استخدمت في إذابة جثمان خاشقجي، يقول المختصون إن من الممكن اقتناؤها من بعض المختبرات أو الأسواق التركية الخاصة بالمواد الكيميائية، وهي ليست سامة أو ممنوعة التداول ولكن يتم تأمينها وبيعها بإذن خاص ويتم السؤال عن الغرض من طلب المادة والهدف من استخدامها، كما أنها تباع في المصانع التركية التي تقوم بصنع المنظفات ولديها تراخيص في استيراد تلك المواد، إضافة إلى بقية المصانع الكيميائية الأخرى، بحسب حديث مختصين في الكيمياء.

المهمة الأصعب وفقا للمختصين تتمثل في التنظيف والتخلص من بقايا الحمض النووي بعد العملية لأنها تبقى عالقة بالملابس والأغطية والأسطح حتى لو تم غسيلها بالطرق الاعتيادية، لكن مع وجود خبير لديه المبيضات الأكسجينية المناسبة يمكن التخلص من جميع تلك الآثار خلال ساعتين.

خبرة في القتل

الناشط والمعارض السعودي عبد العزيز المؤيد قال إن النظام السعودي من حيث المبدأ “يرى أنه يمتلك الحق الشرعي الأخلاقي والقانوني في التخلص من كل من يعارضه وإنهاء أثره بأي طريقة كانت”.

وأوضح المؤيد لـ”عربي21″ أن العديد من الحالات لمعارضين سبق أن أجهز عليها النظام السعودي وألصق بها تهم الإرهاب وما زال يمارس هذا الأسلوب داخل محاكمه مثل طلبات الإعدام للداعية سلمان العودة وغيره من المفكرين والشخصيات الوطنية في السعودية.

وأضاف متسائلا: “كم شخصا اختفى في السعودية ولم يظهر له أثر؟” وتابع: “لدينا قصص للعديد من الناس الذين اختفوا ولم يدر أحد عن مصيرهم في العديد من مدن السعودية وربما استخدم ضدهم الأسيد للتخلص من جثثهم ومحو آثارهم”.

ورأى المؤيد أن “استخدام الأسيد في التخلص من جسد خاشقجي لم يكن الرسالة المقصود إرسالها للمعارضين فعملية الإخفاء هي الرسالة لكن الأسيد كان الهدف منه إخفاء آثار الجريمة بالمطلق ثم الانطلاق لاتهام تركيا بالمسؤولية عن اختفائه وعدم وجود أدلة على وجوده في القنصلية أو بيت القنصل لكن الأمور لم تأت كما اشتهى القتلة”.

وأوضح: “لو لم تكشف تركيا الجريمة مبكرا لخرج الذباب الإلكتروني بحملة تهاجم تركيا وتطالب بالكشف عن مكان خاشقجي وهو ما ظهر من استخدامهم هاشتاغ اختطاف نملة وصارور الذي بدأوا التغريد به خلال بعد دخوله القنصلية وتوقف فور انكشاف الجريمة”.

ووصف المؤيد النظام السعودي بـ”النظام الداعشي” وقال إن المشكلة لدى النائب العام سعود المعجب كانت “عدم وجود انضباط إداري في عملية القتل لكنه لا يرى مشكلة في التخلص من خاشقجي وغيره وهو من طلب إعدام سلمان العودة قبل

الجريمة بأيام”.

ورأى أن من قام بالجريمة “أشخاص متمرسون على القتل وطمس الأدلة فالناس تختفي بالسعودية منذ السبعينات لكن الخلل الذي حصل كشف كل شيء”.

جريمة نظيفة

من جانبه قال المحلل السياسي عمر عياصرة إن ما قام به السعوديون بتذويب جثة خاشقجي “سلوك استخباراتي قديم ويشبه ما قيل إنه حدث مع المعارض المغربي مهدي بن بركة”.

وأوضح عياصرة أن المخطط بات واضحا بالقتل وتذويب الجثة وعدم الاعتراف من جانب الرياض بالأمر لاتهام الأتراك بعد أيام من التنفيذ بالمسؤولية عن إخفاء الشخص وهذا الخيار ربما لجأوا إليه بعد دراسة عدة سيناريوهات للعملية.

وأضاف: “باعتقادي اللجوء للتذويب هو الأنسب لهكذا عملية لإخفاء الأدلة وترك مسرح الجريمة نظيفا دون أدلة والحديث عن وحشية الممارسة هي قضية خارج حسابات من نفذها لأنهم قتلة في النهاية والإنسانية لا مكان لها هنا”.

لكنه في الوقت ذاته رأى أن السلطات التركية قد تتوقف عن البحث عن الجثة لكنها ربما تطرح أسئلة جديدة وهي: “أين رأس خاشقجي؟ وربما لدى الأتراك أدلة أخرى مخبأة يحضرون أسئلة لها لتطرح على الجانب السعودي”.

وشدد العياصرة على أن ترتيبات الشخصية البديلة التي تشبه خاشقجي وجاءت مع فريق الاغتيال وخرج من الباب الخلفي بعد تنفيذ الجريمة ونوعية الأشخاص التي حضرت من الرياض وتخصصاتهم “كلها تورط السعوديين بأن تجعل من الصعب تصديق رواياتهم حول القصة وأن الأمر مبيت له بقتل وتذويب الرجل عبر الحمض من اللحظة الأولى”.

واعتبر أن العملية “جرت بغباء شديد كان وراءه الغرور بالقدرة على إخفاء جثة الرجل بواسطة الأسيد متناسين القدرات الاستخبارية التركية التي كشفت ما دار بداخل غرفة القتل الكاميرات التي التقطت كل التحركات بعد ذلك وأدت لكشف الجريمة بكل تفاصيلها أمام العالم”.

خديجة مصدومة: هل مَن أمر بقتل خاشقجي بشر؟

تساءلت التركية خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، الذي قُتل في قنصلية بلاده بإسطنبول، عمّن أصدر أمراً بقتل خطيبها، قائلة: “هل هم من البشر؟”، وجدّدت مطالبتها بالحقيقة والعدالة بهذه القضية.

وكتبت جنكيز عبر حسابها في موقع “تويتر”: “أنا عاجزة عن إيجاد الكلمات للتعبير عن شعوري بالصدمة وبالأسى لسماع خبر إذابة جسدك يا جمال! بالأحماض بعدما قتلوك وقطعوك! وحرماننا من الصلاة عليك ودفنك في المدينة المنورة كما أوصيت، كما تستحق، وكما نستحق”.

وختمت تغريدتها بالقول: “أهؤلاء القتلة ومن أمرهم بشر؟ رحماك يا ربي. أطالب بالحقيقة وبالعدالة”.

خاشقجي ضحية عجرفة السعودية التي تجوع اليمنيين

في مقال مشترك لكل من راضية المتوكل وعبد الرشيد الفقيه عن حملة التجويع التي تقوم بها السعودية والإمارات لليمنيين ناقشا فيه أن العالم من حقه الشعور بالغضب على مقتل خاشقجي، فهو الضحية الأخيرة للتهور والعجرفة التي أصبحت علامة للسياسة الخارجية السعودية.

وفي مقالهما بمجلة “فورين بوليسي” جاء فيه إن اليمنيين شعروا بالحزن ولكن ليس الدهشة للوحشية التي ظهرت فيها عملية قتل خاشقجي لأنهم يعانون من القتل منذ أربعة أعوام.

وكناشطين في مجال حقوق الإنسان في اليمن قالا إنهما على معرفة تامة بالعنف وقتل الأبرياء وعدم احترام الأعراف الإنسانية التي طبعت التدخل العسكري السعودي في بلدهما.

فقد قادت السعودية بالتحالف مع الإمارات حملة عسكرية قصفت بوحشية المدن اليمنية وفرضت حصارا عليها ومنعت وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين.

وبحسب مشروع بيانات اليمن فقد شن الطيران السعودي والإماراتي 18.500 غارة منذ بداية الحرب أي بمعدل 14 هجوما في كل يوم وعلى مدار 1300 يوما. وقصفت الدولتان المدارس والأسواق وبيوت العزاء والمستشفيات وقتل عشرات الالاف من المدنيين بمن فيهم الأطفال ومن لم يقتل منهم فشوه.

لكن الحرب السعودية- الإماراتية لم تكن لتستمر لولا الدعم الأمريكي. ووفرت الطائرات الأمريكية الوقود للطيران السعودي في الجو والمعلومات الإستخباراتية للأهداف. أما القنابل التي نزلت على بيوت المدنيين فهي مصنعة في الولايات المتحدة وبريطانيا.

وظل الغضب الأمريكي متركزا على نوبات من الغضب كما في حالة الحافلة المدرسية التي قصفها السعوديون في شهر آب (أغسطس) والتي قتل فيها خمسون مدنيا معظمهم تلاميذ مدرسة كانوا في رحلة مدرسية.

ولا تنحصر جرائم السعوديين في اليمن على الغارات الجوية المقصودة ضد المدنيين في خرق واضح للقانون الدولي بل وعلى البنى التحتية التي كانت مسؤولة عن وفاة عشرات الألاف من المدنيين الذين ماتوا من أمراض كان يمكن أن يمنع انتشارها وبسبب الجوع الذي جلبته الحرب.

وتوصلت الأمم المتحدة إلى نتيجة وهي أن الحصارات التي فرضها التحالف السعودي تركت “آثار مدمرة على السكان المدنيين” خاصة أن الغارات السعودية والإماراتية استهدفت مراكز انتاج الطعام وتوزيعه بما في ذلك القطاع الزراعي والصيد. ولم يكن اليمنيون قادرين على شراء الطعام المتوفر في الأسواق بسبب انهيار العملة اليمنية.

ووصلت أسعار المواد الغذائية لمعدلات خيالية في وقت لم يحصل فيه موظفوا الدولة على رواتبهم ومنذ عامين. ويتهم الكاتبان أن تجويع اليمنيين كان له هدف حيث تم استخدام الجوع كوسيلة حرب. ويعتمد ثلاثة أرباع اليمنيين على المساعدات الدولية حيث حذرت الامم المتحدة في إيلول (سبتمبر) من أن اليمن وص إلى حالة الإنهيار.

وهناك حوالي 8 ملايين نسمة على حافة الجوع وقد يزيد العدد إلى 14 مليون نسمة . ولم تخف حدة القتال ولم تخف العراقيل فالعملة لن تستقر.

وكانت المعايير المزدوجة واضحة في أثناء زيارة محمد بن سلمان لسيلكون فالي حيث قدم كمصلح ولديه رؤية للسعودية بدون أي سؤال عما سيبقى من اليمن في نهاية 2020 لو استمرت الحرب. وكانت المعايير المزدوجة في أحسن حالاتها عندما قلل صناع السياسة من انتهاكات حقوق الإنسان. وظلوا يؤكدون على خطورة إيران. وهناك معايير مزدوجة عندما تم تغطية جريمة قتل خاشقجي الشنيعة فيما استمرت فيه عملية القتل اليومية لليمنيين على يد التحالف الذي تقوده السعودية.

ومن عبروا عن غضبهم من قتل خاشقجي عليهم أن يعبروا عن نفس الغضب على جريمة قتل اليمنيين يوميا. وإذا اريد وقف عمليات القتل في اليمن فيجب أن تكون حادثة خاشقجي نقطة النهاية وبداية الحساب على الجرائم السعودية. وتم التعامل مع قتل خاشقجي على أنه حادثة بعينها بدلا من النظر إليه على أنه نتاج لخرق المعايير الإنسانية ومن أجل حماية المصالح الجيوسياسية.