النباء اليقين

فضيحة سعودية .. غزو تويتر وتسميم الوسوم برواتب مغرية!

الهدهد / متابعات

يتابع أنور العتيبي أحد مؤسسي مبادرة “النحل الإلكتروني” ومدير التواصل الاجتماعي السابق في إحدى شركات الدعاية والإعلان السعودية يوميا الهجمات المتواصلة التي يشنها مغردون سعوديون بمعرفات إلكترونية، أغلبها وهمي، ضد معارضي سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، أو المطالبين بالإصلاح، مثل العديد من الناشطين.

العتيبي المقيم في تركيا تفاعل وعدد من النشطاء مع فكرة الزهراني، بتأسيس النحل الإلكتروني لمواجهة ما بات يصطلح عليه بـ”الذباب الإلكتروني”، وهي فكرة رعاها الكاتب والصحافي جمال خاشقجي قبل مقتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في محاولة لمواجهة المليشيات الإلكترونية التي يقف وراءها سعود القحطاني المستشار السابق في الديوان الملكي، ومخطط السياسات الإعلامية الإلكترونية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما يقول.

وبحكم تخصصه في الدعاية عبر مواقع التواصل، وثّق العتيبي أساليب عمل وطريقة تكوين المليشيات الإلكترونية السعودية التي يراقبها كما يقول لـ”العربي الجديد”، مؤكداً أن حسابات وهمية ومغردين يتفاعلون فورا مع أي تغريدة تمسّ ولي العهد ويتم تحويلها إلى مركز التخطيط الذي يقوم بتزويد الذباب الإلكتروني بصيغة الرد المناسبة، ومن ثم تعطى الأوامر بالهجوم عبر مجموعات في الواتساب والتي يمتلك صورا لبعض محادثاته.

إدارة الذباب الإلكتروني

يعتبر سعود القحطاني المستشار السابق في الديوان الملكي ومؤسس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، العقل المدبر للذباب الإلكتروني السعودي، ووفق الخبراء المشاركين في التحقيق فإن إعفاء العاهل السعودي للقحطاني من منصبه في الديوان الملكي السعودي في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن عدة أوامر ملكية صدرت بشأن التحقيقات في قضية قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده، لا يعني أنه توقف عن دوره في السيطرة على الرأي العام الافتراضي على مواقع التواصل، وعلى الرغم من أن القحطاني عدّل تعريفه على صفحته الرسمية على موقع تويتر، وحذف مناصب رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والمشرف العام على اللجنة العليا للاتحادات الرياضية، وعضوية مجلس إدارة “دارة الملك عبدالعزيز”، ومؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، لكنّه في الوقت ذاته لم يجرِ الإعلان رسمياً عن أي قرار صدر بإعفائه من تلك المناصب، مثلما جرى مع منصبه بالديوان الملكي.

ويختص اتحاد الأمن السيبراني في العمل على بناء قدرات محلية واحترافية في مجال الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات، وفق ما جاء على موقعه الإلكتروني، لكن ثلاثة من مصادر التحقيق، من بينهم المعارض السعودي ورئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان، يحيى عسيري، يؤكدون أن الاتحاد، والذي يعد منظمة حكومية، مسؤول عن تجميع المخترقين والمهتمين بالتجسس الإلكتروني والعاملين في منظومة الذباب الإلكتروني.

ويقوم الاتحاد بالدور السابق عبر الاستعانة بخدمات شركات للتوظيف والموارد البشرية في السعودية، ومن بينها “الشركة الدولية للموارد البشرية” المتخصصة في التوظيف والتي تعمل في هذا المجال منذ عام 2005 وفقا لموقعها الإلكتروني، إذ نشرت الشركة في السادس من فبراير/شباط الماضي إعلاناً عن حاجتها لتوظيف 223 سعودياً، على أن يكونوا حاصلين على شهادة البكالوريوس، وبراتب يصل إلى 10 آلاف ريال (ما يعادل 2660 دولاراً أميركياً)، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بالرواتب في السعودية بحسب عمر الزهراني، والذي يتهم الشركة بتوظيف شباب يعملون مسؤولي تواصل اجتماعي لمصلحة الديوان الملكي، وبإشراف مباشر من المستشار القحطاني، وفق ما جاء في سلسلة تغريدات منشورة في 12 سبتمبر/أيلول الماضي.

وبحسب الإعلان، فقد كانت الوظائف مخصصة للذكور فقط، والعمل مكتبياً، ولا يتطلب أي جهد بدني، وتوزع فترات العمل الذي يستمر حتى الفجر بين الموظفين، وفق ما جاء على حساب مدير التوظيف ريان بن عبدالعزيز، والذي يعرّف نفسه عبر موقع التواصل المهني، بأنه مدير توظيف يتعامل مع وكالات حكومية، وفق ما وثقه معد التحقيق عبر حساب ريان، والذي قال في تغريدته “وين شبابنا الخريجين، خريج بكالوريوس، التخصص مو مطلوب، الراتب 10000 آلاف أحتاج شباب يباشرون العمل خلال 25 يوما، الشواغر 223 اللي مطابق للشروط ويقول محد كلمني يقدم بالموقع ويمرني بالشركة، ما بين مخرج 9 و10 بعد التعاونية إدارة التوظيف”.

وتتعامل الشركة الدولية للموارد البشرية مع مؤسسات حكومية وأهلية وفق ما يظهر على الموقع الإلكتروني الخاص بها، وبحسب ردود مدير التوظيف ريان بن عبد العزيز، فإن طالب الوظيفة يقوم بكتابة نبذة شخصية عنه، وإنشاء حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تويتر، إنستغرام، سناب شات، فيسبوك، وبريد إلكتروني في موقع gmail.com، قبل العمل.

ويصف الزهراني مقابلة الوظيفة السابقة بأنها شكلية لتسجيل الحضور، لأن الملف الأمني لطالبها موجود مسبقاً لدى الجهة الموظفة وهي الديوان الملكي، على عكس الوظائف الأخرى التي تتطلب مقابلة، متضمنة أسئلة وأجوبة، كما يقول، في ظل أن العدد الكبير المطلوب وقتها بهذه الرواتب لا يتلاءم مع فكرة مقابلة هؤلاء وفحص ملفاتهم خلال فترة زمنية لا تزيد على ثلاثة أيام.

وتواصل معد التحقيق هاتفيا مع خدمة العملاء في الشركة الدولية، وطلب منهم تحويله إلى مديرها للحصول على رد، لكنهم رفضوا ذلك، وأنهوا المكالمة، عند إخبارهم بأنه يجري تحقيقا صحافيا.

تسميم الوسوم

تتلاعب الحسابات الموجهة أو ما يعرف بـ”الذباب الإلكتروني” بالوسوم (الهاشتاغات) التي يطلقها السعوديون المعارضون أو حتى الرافضون لأي تغيرات حياتية، مثل زيادة الضرائب ورفع أسعار الخدمات الأساسية وتعرف هذه الطريقة بـ”تسميم الوسوم” وفق ما قاله مارك أوين جونز، أستاذ الدراسات الخليجية في جامعة إيستر ببريطانيا، في تقرير بثته قناة “بي بي سي” في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.

ودرس مارك أوين جونز الحسابات السعودية في موقع تويتر، بعد أزمة حصار قطر، وخلص إلى أن نصف المعلومات الموجودة في الوسوم السعودية عبارة عن بروباغندا، وأن هناك 100 ألف تغريدة سعودية يومية تطلق من معرفات إلكترونية وهمية، وهو ما أكده الخبير التقني الكويتي والمختص في الأمن السيبراني محمد الجبري، والذي اختلف مع جونز في عدد التغريدات، قائلاً إنه من المستحيل حصرها بالضبط، وأن الرقم مبالغ فيه.

ويتم تسميم الوسم عبر بث محتوى معادٍ للمحتوى الذي أنشأ الوسم من أجله، أو تحويل مسار الموضوع إلى الهزل والضحك داخل الوسم، أو إغراقه بالمواد الإباحية وغير الأخلاقية، وهي آخر حيلة تستخدم لإغلاق الوسم وضمان عدم وجود تفاعل، كما يقول الجبري الحاصل على شهادة أمن تقني من روسيا الاتحادية، موضحا أن الذباب الإلكتروني ينشئ وسوماً تهاجم مجموعة من أعداء ولي العهد السعودي أو تقوم بمهاجمة دول بعينها، مثلما حدث مع قطر بعد قرار حصارها في يونيو/حزيران من عام 2017، وترويج هذه الوسوم في دول معينة مثل قطر والسعودية والكويت عبر التلاعب بالحسابات الوهمية التي يديرها الذباب الإلكتروني.

تجارة نشطة

يعمل ناشطون على موقع تويتر في تجارة إنشاء الوسوم وترويجها ورفعها إلى مراتب متقدمة في أي بلد خليجي، لتصبح في قائمة “الترند” (مؤشر الرواج) بمبالغ لا تتجاوز 350 ريالا سعودي (93 دولارا) مع ضمان بقاء الترند في القائمة لمدة ساعة واحدة، بحسب تأكيد حساب ترند السعودية، والذي تواصل معه معد التحقيق من خلال إعلان منشور في موقع تويتر، تحت عنوان “ارفع هاشتاقك”.

ويقول صاحب الحساب الذي (رفض الكشف عن هويته) إن بإمكانه إبقاء الوسم على قائمة الترند في بلدان خليجية مثل قطر والكويت والبحرين لفترة أطول، إذا ما تمت مضاعفة المبلغ باستخدام حسابات وهمية أكثر وجهد أكبر.

وأقر صاحب الحساب لـ”العربي الجديد” أن هناك أطرافاً تدفع له مبالغ مالية لتصعيد وسوم تافهة أثناء تصاعد الأزمات، وهو ما يمكن فهمه عبر ما حدث في أزمة خاشقجي، إذ أعاد الذباب الإلكتروني إحياء وسم قديم هو #هل_توافق_على_الزواج_من_طبيبة في محاولة لتغطية الجدل الكبير حول موت خاشقجي بين حسابات تويتر في السعودية.

نموذج آخر وثقه معد التحقيق وقت أن بثت قناة العربية السعودية برنامجا بعنوان “تاريخ قطر صراع على السلطة” في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إذ لاحظ إنشاء وسم #تاريخ_قطر_صراع_على_السلطة، مترافقاً مع بث البرنامج ودخوله ضمن قائمة “الترند” في دولة قطر، وهو ما تم عبر شبكة ضخمة من الحسابات الوهمية التي قامت بتحويل مقر وجودها إلى دولة قطر، بدلاً من الرياض للسيطرة على المحتوى الإلكتروني في الدوحة.

ويشرح الخبير التقني الجبري لـ”العربي الجديد” أن هذه الطريقة تتم عبر التلاعب في عناوين بروتوكولات الإنترنت المعروفة باسم (IP address) وتحويل عناوينها من السعودية إلى قطر أو الكويت أو أي بلد آخر، مما يجعل موقع تويتر يقرأ أن هذا التفاعل يحدث من داخل دولة قطر نفسها، فيرفع الوسم إلى قائمة “الترند” في قطر.

ويقوم مغردون تابعون للقحطاني، مثل مشعل الخالدي ( meshaluk) ونايف بن عويد (fdeet_alnssr) ومجموعة نايف بن خالد (naif4002) ومهجد (Muhajjid) وزايد بن فايد (AbuFaid) وهم أشخاص غير معروفة هويتهم الحقيقية، بإدارة تلك الحسابات التي تغرد على مدار 24 ساعة، بحسب يحيى عسيري، مضيفا أن مجموعات من المرتبطين بالأجهزة الأمنية السعودية تقوم بالتغريد عبر هذه الحسابات، وضرب المثل بما تم وقت الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في يوليو/تموز من عام 2013، ودعم السعودية لهذا الانقلاب عبر تجييش خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق لمغردين كان القحطاني يقودهم، ليقوموا بهجوم منظم ومنسق على المغردين المعارضين ورفع الهاشتاغات إلى الترند.

يتابع أنور العتيبي أحد مؤسسي مبادرة “النحل الإلكتروني” ومدير التواصل الاجتماعي السابق في إحدى شركات الدعاية والإعلان السعودية يوميا الهجمات المتواصلة التي يشنها مغردون سعوديون بمعرفات إلكترونية، أغلبها وهمي، ضد معارضي سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، أو المطالبين بالإصلاح، مثل الناشط على موقع تويتر والمعارض الشاب عمر بن عبدالعزيز الزهراني المقيم في كندا.

العتيبي المقيم في تركيا تفاعل وعدد من النشطاء مع فكرة الزهراني، بتأسيس النحل الإلكتروني لمواجهة ما بات يصطلح عليه بـ”الذباب الإلكتروني”، وهي فكرة رعاها الكاتب والصحافي جمال خاشقجي قبل مقتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في محاولة لمواجهة المليشيات الإلكترونية التي يقف وراءها سعود القحطاني المستشار السابق في الديوان الملكي، ومخطط السياسات الإعلامية الإلكترونية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما يقول.

وبحكم تخصصه في الدعاية عبر مواقع التواصل، وثّق العتيبي أساليب عمل وطريقة تكوين المليشيات الإلكترونية السعودية التي يراقبها كما يقول لـ”العربي الجديد”، مؤكداً أن حسابات وهمية ومغردين يتفاعلون فورا مع أي تغريدة تمسّ ولي العهد ويتم تحويلها إلى مركز التخطيط الذي يقوم بتزويد الذباب الإلكتروني بصيغة الرد المناسبة، ومن ثم تعطى الأوامر بالهجوم عبر مجموعات في الواتساب والتي يمتلك صورا لبعض محادثاتها.

إدارة الذباب الإلكتروني

يعتبر سعود القحطاني المستشار السابق في الديوان الملكي ومؤسس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، العقل المدبر للذباب الإلكتروني السعودي، ووفق الخبراء المشاركين في التحقيق فإن إعفاء العاهل السعودي للقحطاني من منصبه في الديوان الملكي السعودي في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن عدة أوامر ملكية صدرت بشأن التحقيقات في قضية قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده، لا يعني أنه توقف عن دوره في السيطرة على الرأي العام الافتراضي على مواقع التواصل، وعلى الرغم من أن القحطاني عدّل تعريفه على صفحته الرسمية على موقع تويتر، وحذف مناصب رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والمشرف العام على اللجنة العليا للاتحادات الرياضية، وعضوية مجلس إدارة “دارة الملك عبدالعزيز”، ومؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، لكنّه في الوقت ذاته لم يجرِ الإعلان رسمياً عن أي قرار صدر بإعفائه من تلك المناصب، مثلما جرى مع منصبه بالديوان الملكي.

ويختص اتحاد الأمن السيبراني في العمل على بناء قدرات محلية واحترافية في مجال الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات، وفق ما جاء على موقعه الإلكتروني، لكن ثلاثة من مصادر التحقيق، من بينهم المعارض السعودي ورئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان، يحيى عسيري، يؤكدون أن الاتحاد، والذي يعد منظمة حكومية، مسؤول عن تجميع المخترقين والمهتمين بالتجسس الإلكتروني والعاملين في منظومة الذباب الإلكتروني.

ويقوم الاتحاد بالدور السابق عبر الاستعانة بخدمات شركات للتوظيف والموارد البشرية في السعودية، ومن بينها “الشركة الدولية للموارد البشرية” المتخصصة في التوظيف والتي تعمل في هذا المجال منذ عام 2005 وفقا لموقعها الإلكتروني، إذ نشرت الشركة في السادس من فبراير/شباط الماضي إعلاناً عن حاجتها لتوظيف 223 سعودياً، على أن يكونوا حاصلين على شهادة البكالوريوس، وبراتب يصل إلى 10 آلاف ريال (ما يعادل 2660 دولاراً أميركياً)، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بالرواتب في السعودية بحسب عمر الزهراني، والذي يتهم الشركة بتوظيف شباب يعملون مسؤولي تواصل اجتماعي لمصلحة الديوان الملكي، وبإشراف مباشر من المستشار القحطاني، وفق ما جاء في سلسلة تغريدات منشورة في 12 سبتمبر/أيلول الماضي.

وبحسب الإعلان، فقد كانت الوظائف مخصصة للذكور فقط، والعمل مكتبياً، ولا يتطلب أي جهد بدني، وتوزع فترات العمل الذي يستمر حتى الفجر بين الموظفين، وفق ما جاء على حساب مدير التوظيف ريان بن عبدالعزيز، والذي يعرّف نفسه عبر موقع التواصل المهني، بأنه مدير توظيف يتعامل مع وكالات حكومية، وفق ما وثقه معد التحقيق عبر حساب ريان، والذي قال في تغريدته “وين شبابنا الخريجين، خريج بكالوريوس، التخصص مو مطلوب، الراتب 10000 آلاف أحتاج شباب يباشرون العمل خلال 25 يوما، الشواغر 223 اللي مطابق للشروط ويقول محد كلمني يقدم بالموقع ويمرني بالشركة، ما بين مخرج 9 و10 بعد التعاونية إدارة التوظيف”.

وتتعامل الشركة الدولية للموارد البشرية مع مؤسسات حكومية وأهلية وفق ما يظهر على الموقع الإلكتروني الخاص بها، وبحسب ردود مدير التوظيف ريان بن عبد العزيز، فإن طالب الوظيفة يقوم بكتابة نبذة شخصية عنه، وإنشاء حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تويتر، إنستغرام، سناب شات، فيسبوك، وبريد إلكتروني في موقع gmail.com، قبل العمل.

ويصف الزهراني مقابلة الوظيفة السابقة بأنها شكلية لتسجيل الحضور، لأن الملف الأمني لطالبها موجود مسبقاً لدى الجهة الموظفة وهي الديوان الملكي، على عكس الوظائف الأخرى التي تتطلب مقابلة، متضمنة أسئلة وأجوبة، كما يقول، في ظل أن العدد الكبير المطلوب وقتها بهذه الرواتب لا يتلاءم مع فكرة مقابلة هؤلاء وفحص ملفاتهم خلال فترة زمنية لا تزيد على ثلاثة أيام.

وتواصل معد التحقيق هاتفيا مع خدمة العملاء في الشركة الدولية، وطلب منهم تحويله إلى مديرها للحصول على رد، لكنهم رفضوا ذلك، وأنهوا المكالمة، عند إخبارهم بأنه يجري تحقيقا صحافيا.

تسميم الوسوم

تتلاعب الحسابات الموجهة أو ما يعرف بـ”الذباب الإلكتروني” بالوسوم (الهاشتاغات) التي يطلقها السعوديون المعارضون أو حتى الرافضون لأي تغيرات حياتية، مثل زيادة الضرائب ورفع أسعار الخدمات الأساسية وتعرف هذه الطريقة بـ”تسميم الوسوم” وفق ما قاله مارك أوين جونز، أستاذ الدراسات الخليجية في جامعة إيستر ببريطانيا، في تقرير بثته قناة “بي بي سي” في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.

ودرس مارك أوين جونز الحسابات السعودية في موقع تويتر، بعد أزمة حصار قطر، وخلص إلى أن نصف المعلومات الموجودة في الوسوم السعودية عبارة عن بروباغندا، وأن هناك 100 ألف تغريدة سعودية يومية تطلق من معرفات إلكترونية وهمية، وهو ما أكده الخبير التقني الكويتي والمختص في الأمن السيبراني محمد الجبري، والذي اختلف مع جونز في عدد التغريدات، قائلاً إنه من المستحيل حصرها بالضبط، وأن الرقم مبالغ فيه.

ويتم تسميم الوسم عبر بث محتوى معادٍ للمحتوى الذي أنشأ الوسم من أجله، أو تحويل مسار الموضوع إلى الهزل والضحك داخل الوسم، أو إغراقه بالمواد الإباحية وغير الأخلاقية، وهي آخر حيلة تستخدم لإغلاق الوسم وضمان عدم وجود تفاعل، كما يقول الجبري الحاصل على شهادة أمن تقني من روسيا الاتحادية، موضحا أن الذباب الإلكتروني ينشئ وسوماً تهاجم مجموعة من أعداء ولي العهد السعودي أو تقوم بمهاجمة دول بعينها، مثلما حدث مع قطر بعد قرار حصارها في يونيو/حزيران من عام 2017، وترويج هذه الوسوم في دول معينة مثل قطر والسعودية والكويت عبر التلاعب بالحسابات الوهمية التي يديرها الذباب الإلكتروني.

تجارة نشطة

يعمل ناشطون على موقع تويتر في تجارة إنشاء الوسوم وترويجها ورفعها إلى مراتب متقدمة في أي بلد خليجي، لتصبح في قائمة “الترند” (مؤشر الرواج) بمبالغ لا تتجاوز 350 ريالا سعودي (93 دولارا) مع ضمان بقاء الترند في القائمة لمدة ساعة واحدة، بحسب تأكيد حساب ترند السعودية، والذي تواصل معه معد التحقيق من خلال إعلان منشور في موقع تويتر، تحت عنوان “ارفع هاشتاقك”.

ويقول صاحب الحساب الذي (رفض الكشف عن هويته) إن بإمكانه إبقاء الوسم على قائمة الترند في بلدان خليجية مثل قطر والكويت والبحرين لفترة أطول، إذا ما تمت مضاعفة المبلغ باستخدام حسابات وهمية أكثر وجهد أكبر.

وأقر صاحب الحساب لـ”العربي الجديد” أن هناك أطرافاً تدفع له مبالغ مالية لتصعيد وسوم تافهة أثناء تصاعد الأزمات، وهو ما يمكن فهمه عبر ما حدث في أزمة خاشقجي، إذ أعاد الذباب الإلكتروني إحياء وسم قديم هو #هل_توافق_على_الزواج_من_طبيبة في محاولة لتغطية الجدل الكبير حول موت خاشقجي بين حسابات تويتر في السعودية.

نموذج آخر وثقه معد التحقيق وقت أن بثت قناة العربية السعودية برنامجا بعنوان “تاريخ قطر صراع على السلطة” في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إذ لاحظ إنشاء وسم #تاريخ_قطر_صراع_على_السلطة، مترافقاً مع بث البرنامج ودخوله ضمن قائمة “الترند” في دولة قطر، وهو ما تم عبر شبكة ضخمة من الحسابات الوهمية التي قامت بتحويل مقر وجودها إلى دولة قطر، بدلاً من الرياض للسيطرة على المحتوى الإلكتروني في الدوحة.

ويشرح الخبير التقني الجبري لـ”العربي الجديد” أن هذه الطريقة تتم عبر التلاعب في عناوين بروتوكولات الإنترنت المعروفة باسم (IP address) وتحويل عناوينها من السعودية إلى قطر أو الكويت أو أي بلد آخر، مما يجعل موقع تويتر يقرأ أن هذا التفاعل يحدث من داخل دولة قطر نفسها، فيرفع الوسم إلى قائمة “الترند” في قطر.

ويقوم مغردون تابعون للقحطاني، مثل مشعل الخالدي ( meshaluk) ونايف بن عويد (fdeet_alnssr) ومجموعة نايف بن خالد (naif4002) ومهجد (Muhajjid) وزايد بن فايد (AbuFaid) وهم أشخاص غير معروفة هويتهم الحقيقية، بإدارة تلك الحسابات التي تغرد على مدار 24 ساعة، بحسب يحيى عسيري، مضيفا أن مجموعات من المرتبطين بالأجهزة الأمنية السعودية تقوم بالتغريد عبر هذه الحسابات، وضرب المثل بما تم وقت الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في يوليو/تموز من عام 2013، ودعم السعودية لهذا الانقلاب عبر تجييش خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق لمغردين كان القحطاني يقودهم، ليقوموا بهجوم منظم ومنسق على المغردين المعارضين ورفع الهاشتاغات إلى الترند.
المغردون المؤثرون

لا يقتصر الأمر على التلاعب بالوسوم والتحريض على المعارضين، وصنع مناخ يرهبهم ويدفعهم للانزواء والخوف، ويرهب كل من يحاول التحدث برأيه والتغريد خارج السرب في مواقع التواصل الاجتماعي، بل يمتد إلى نسج شبكة علاقات عامة ضخمة عبر محاولات شراء المغردين المؤثرين خليجياً، عن طريق مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية “مسك” التي يشغل سعود القحطاني عضوية مجلس إدارتها، والتي تعمل على تلميع بن سلمان ومشاريعه في المنطقة، بحسب ما ذكر مغرد كويتي في موقع تويتر كان لديه حساب للتغريد عبر مقاطع مصورة (فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفا على أبناء عمومته الذين يعيشون في السعودية).

ويؤكد المغرد الكويتي لـ”العربي الجديد” إنه حصل على مبلغ 10 آلاف ريال سعودي في فبراير/ شباط 2018، مقابل نشر مقطع فيديو يسجل تاريخ العلاقات السعودية الكويتية ويهاجم دولة قطر، كما حضر مؤتمر مؤسسة “مسك” بحسب إفادته لـ”العربي الجديد”، لكنه قرر التوقف عن التعامل مع المؤسسة بعد حادثة اغتيال خاشقجي، مشيرا إلى أن أي حساب مهم لسعودي، تقع عليه عين القحطاني، فإن عليه الحضور ومقابلة المستشار ليتلقى التعليمات بالهجوم على مجموعة أشخاص، أو الدفاع عن آخرين، ومن يرفض المقابلة يتعرض للتضييق في عمله وحياته.