النباء اليقين

 اللواء الركن علي صلاح يوثق شهادته للتاريخ عن اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي: 11 اكتوبر 77م..ويكشف تفاصيل اليوم المشؤوم في حياة الشعب اليمني

 

الهدهد – 26 ستبمبر

 

في الجزء الثاني «من مذكراتي» العمل في قوات المجد ومحور تعز 73-1980م وثق اللواء الركن علي محمد صلاح لمرحلة وطنية تاريخية هامة.. وسجل المناضل الوطني والقائد العسكري البارز صلاح شهادته للتاريخ ولأجيال الحاضر والمستقبل عن اغتيال الرئيس إبراهيم محمد الحمدي وأخيه عبدالله في ذلك المشؤوم الـ11 من أكتوبر 1977م.. إلى نص مضامين شهادته كما وردت في مؤلفه:

كان يوم الحادي عشر من أكتوبر عام 1977م يوماً مشؤوماً في تاريخ الشعب اليمني وكانت الأمور تسير في الإتجاه المغاير لطموحاته وتوجهاته بقيادة الرئيس إبراهيم الحمدي، فبعد أن كان الناس في شمال الوطن وجنوبه ينتظرون اللحظة التاريخية المرتقبة لوصوله إلى عدن للإلتقاء بالرئيس سالم ربيع علي لإعلان الوحدة أتت الرياح بما لا تشته السفن، وحدث ما لم يكن متوقعاً، حيث قتل قبل توجهه إلى عدن في حادث غادر لم تتضح حقائقه وتفاصيله حتى اليوم.

في اليوم الذي قتل فيه الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله كنا في محافظة تعز نواصل أعمالنا ومهامننا المعتادة ولم نبلغ بوقوع الحادث إلا في المساء قبل إعلان النبأ من إذاعة صنعاء عندما اتصل بنا أحمد الغشمي يبلغنا أن الرئيس الحمدي قتل وأن التحقيقات جارية لمعرفة تفاصيل ما جرى.. وقال عليكم تحمل مسؤولية لواء تعز من الآن للسيطرة على الموقف لديكم حتى تنتهي إجراءات التحقيق.

بعدها اتصل علي عبدالله صالح قائد لواء تعز- الذي كان متواجداً حينها في صنعاء- يبلغني بمقتل الرئيس الحمدي وطلب منا التوجه إلى قيادة لواء تعز وإبلاغ الوحدات العسكرية والأمنية برفع درجة الاستعداد القتالي القصوى لمواجهة أية احتمالات والسيطرة على الموقف داخل المدينة وخارجها ولم يبلغونا بتفاصيل ما جرى وأكدوا أن التحقيقات لا زالت مستمرة وسيتم إبلاغنا لاحقاً.

 

#إعلان_حالة_الطوارئ

بناءً على ذلك عقدنا اجتماعاً طارئاً في قيادة اللواء وقمنا برفع درجة الاستعداد القتالي وإعلان حالة الطوارئ في كافة الوحدات العسكرية والأمنية المتواجدة في مدينة تعز وخارجها، وابلغناهم ان الظرف المستجد في البلد يتطلب التحلي باليقظة الدائمة والجاهزية العالية لمواجهة أية إحتمالات قد تحدث بإنتظار التوجيهات التي ستصل من القيادة في صنعاء ولم تهتم بما جرى.

تلك الاتصالات والإجراءات التي قمنا بها كانت قبل إعلان إذاعة صنعاء خبر مقتل الرئيس الحمدي وشقيقه وظللنا على تواصل مستمر مع القيادة في صنعاء من أجل معرفة تفاصيل ما جرى، إلا أننا لم نتلق شيئاً جديداً وكان الرد دائماً أن التحقيقات مستمرة وسيتم تبليغكم في حينه «أمريكا إلى اليوم لم تجد قاتل الرئيس كنيدي» واستمرينا في حالة ترقب إذاعة صنعاء عسى نسمع من خلالها بياناً يوضح ما جرى إلى أن قطعت الإذاعة برامجمها في المساء لتعلن إذاعة الخبر في بيان نعي من مجلس القيادة جاء فيه.. «أيها الشعب العظيم لم تكن غريبة ولا جديدة المؤامرات الدنيئة والدسائس والمخططات التي تحاك عليك وعلى زعمائك الوطنيين وقادتك الأحرار.. يا جماهير يمننا الحبيبة إنه في هذا اليوم الأسود الكئيب في تاريخ شعبنا اليمني العظيم سطت أيد آثمة مجرمة خائنة لشعبها ووطنها على حياة قائد مسيرتنا الأخ المناضل المقدم إبراهيم محمد الحمدي الذي عرفه شعبنا كله وعرفناه قائداً مخلصاً ومناضلاً شريفاً وزعيماً أميناً.. الذي بعهده وبقيادته حققت.. أيها الشعب العظيم الكثير من المنجزات والمشاريع وخطوت خطوات.. على طريق الانتصار ضد التخلف والفساد، كما اغتالت أخاه المقدم عبدالله محمد الحمدي.. أيها الشعب العظيم إن مجلس القيادة ينقل إليك بكل أسف وحزن، هذا النبأ ليعزيك بفقيدي الوطن العظيم ويعاهدك عهداً صادقاً على الأخذ بثأرهما من القتلة والمجرمين الحاقدين ويعاهدك ايضاً على السير في الخط الذي رسمه لنا المغفور له حتى يتحقق لجماهير شعبنا كل طموحاته وما تصبوا إليه من الحرية والعدل والتقدم والرقي.. رحم الله شهيدينا واسكنهما فسيح جناته وانزلهما منزلة الأولياء والصديقين.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).

بعد سماع بيان مجلس القيادة من إذاعة صنعاء حاولنا مراراً مع القيادة لمعرفة المستجدات حول الحادث بعد إعلانه من الإذاعة، وكان الرد يأتي أن التحقيقات لا تزال مستمرة حتى الآن وسنبلغكم في حينه وعليكم السيطرة على الوضع في تعز وفي المديريات وإبلاغنا أولاً بأول بما يستجد لديكم والعمل مع المشايخ والوجاهات على تهدئة الأمور.

بعد إعلان النبأ الذي كان مفاجأة لكل أبناء الشعب عاش المواطنون في تعز في حالة ذهول من هول الصدمة غير مصدقين أن الحمدي قتل بتلك الصور البشعة، وعم الغضب والتنديد والاستنكار كافة المناطق في المدينة والريف وبدأ الناس بالتجمع والتجمهر والتحضير للقيام بالمسيرات المنددة بمتقل الحمدي.

وفي عدن صدر بيان نعي عن مجلس الرئاسة وإعلان الحداد لمدة أربعين يوماً وإلغاء جميع الاحتفالات.. وأصدر مجلس الرئاسة بياناً جاء فيه: «يا شعبنا اليمني العظيم لقد استمعتم جميعاً إلى نبأ الفاجعة الأليمة التي أصبنا بها عندما امتدت أيدي الغدر والخيانة لإغتيال الفقيد المقدم إبراهيم محمد الحمدي رئيس مجلس القيادة وشقيقه المقدم عبدالله الحمدي، وعلى إثر هذا النبأ المؤلم عقد مجلس الرئاسة والوزراء اجتماعاً طارئاً وأصدر البيان التالي: بمزيد من الأسى والحزن العميقين تلقينا نبأ الفاجعة الأليمة والمصاب الجلل باستشهاد المقدم إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة القائد اللعام للقوات المسلحة في الشطر الشمالي من الوطن وشقيقه الشهيد المقدم عبدالله الحمدي على أيدي غادرة آثمة.. إن مجلس الرئاسة والوزراء يعبران عن حزنهما العميق واستيائهما البالغ لهذه الخسارة الفادحة التي أصيب بها الشعب اليمني في الشطرين، لقد كانت عدن تستعد لإستقبال أحد قادة اليمن وتستعد للقاء الأشقاء اليمنيين وهاهي اليوم كغيرها من مناطق اليمن تعيش أحزان فقدانها إبناً من أبنائها بفعل مؤامرة دنيئة.. إن مجلس الرئاسة والوزراء يعلنان الحداد الرسمي لمدة أربعين يوماً وإلغاء كافة الاحتفالات الرسمية والشعبية بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لثورة الرابع عشر من أكتوبر ويعزيان جماهير الشعب اليمني ومجلس القيادة في الشطر الشمالي من الوطن وأسرة أخينا الفقيد المقدم إبراهيم الحمدي والمقدم عبدالله الحمدي راجين لهم الصبر والسلوان.

 

#عملنا_على_تهدئة_الأمور

ومن أجل تهدئة الأمور وحتى لا تستغل تلك المظاهرات والتجمعات من قبل البعض لتحقيق اغراض خاصة بها قمنا بالتواصل مع المشايخ والأعيان والشخصيات الإجتماعية في عموم المناطق، حثيناهم على العمل لتهدئة المواطنين والسيطرة على مناطقهم، وأبلغناهم ان المواطنين بدأوا يتحشدون ويتجمعون للتظاهر في كثير من المناطق وداخل مدينة تعز، وأكدنا لهم أن هذا من حقهم لكننا لا نريد أن تتحول تلك التظاهرات إلى أعمال شغب ونهب وسلب وتخريب واعتداء على المرافق الحكومية والخاصة أو محاولة تجاوز الغرض الذي ستخرج من أجله تلك التظاهرات، وان عليهم المحافظة على الأمن والممتلكات العامة والخاصة وان هذه مسؤوليتنا جميعاً.

في نفس الوقت كنا على تواصل مع القيادة نبلغهم بكل ما استجد في مدينة تعز والارياف منذ إعلان مقتل الحمدي وان المواطنين قد بدأوا يتوافدون من القرى ويتجمعون في مدينة تعز والأمور لا تزال تحت السيطرة والمشايخ والأعيان والوجاهات الإجتماعية متعاونون معنا ويبذلون كل ما بوسعهم لتهدئة الموقف وكان الرد يأتي دائماً ابذلوا أقصى طاقاتكم للسيطرة على الأوضاع.

في المساء كان المواطنيون قد توافدوا بأعداد كبيرة ومن كافة المناطق إلى داخل المدينة ويزداد تدفقهم باستمرار طيلة فترة المساء إلى حد أن حركة المرور توقفت في جميع الشوارع الرئيسية والفرعية من كثافة تدفق المواطنين الذين لم تشهد تعز مثيلاً له من قبل، وفي صباح اليوم التالي خرجت تعز عن بكرة أبيها- رجالاً ونساءً وشيوخاً- في مظاهرة عارمة وغاضبة تنديداً بمقتل الحمدي وتطالب بالقصاص الشرعي من قاتليه وجابت شوارع المدينة من الصباح الى وقت الظهيرة وقامت بمحاصرة قيادة لواء تعز مطالبة بالكشف عن القتلة وتنفيذ القصاص السريع منهم واستمرت تلك التظاهرات حتى المساء.

على الرغم من ذلك الغضب الشعبي، إلا أنه لم يتعرض أي مرفق أو متجر للضرر وكنا على تواصل مستمر مع القيادة ننقل لهم الموقف لحظة بلحظة، لأن القيادة كانت مهتمة جداً بما يجري في تعز غير المناطق الأخرى لما تمثله من تأثير على سير الأحداث وإذا فقدت السيطرة عليها بقية المحافظات الأخرى عن السيطرة أسوةً بمدينة تعز.

 

#تظاهرات_لمدة_ثلاثة_أيام

تواصلت المظاهرات والاحتجاجات لمدة ثلاثة أيام متواصلة صباحاً ومساءً والجماهير في حالة هيجان وغضب وحزن شديد في موقف سلمي عظيم، وبذل المشايخ والأعيان والوجاهات الإجتماعية دوراً كبيراً في التهدئة والحفاظ على الأمن والسكينة العامة خلال تلك الأيام العصيبة التي واجهتنا في تعز، وأمام تلك الحشود الجارفة من المواطنين وهي في حالة غضب وحزن منددة بمقتل الرئيس إبراهيم الحمدي لم يكن يستهدفه شخصياً أو مشروعه الوطني بقدر ما يستهدف اليمن بشكل عام، لأن أعداء الوطن لا يريدون أن يروا اليمن يشق طريقه للتقدم والتطور والبناء والرخاء وامتلاكه لقراره السياسي، والسيادي لكي يبقى اليمن كما يريدونه ضعيفاً فقيراً متخلفاً وغير مستقر تتنازعه الخلافات والصراعات والحروب.

مقتل الرئيس الحمدي بتلك الصورة لم يكن متوقعاً من كل أبناء الوطن الذين كانوا يرون انه أعاد لهم الأمل في يمن مشرقٍ وسعيد يسوده الأمن والأمان والطمأنينة والخير والعدل والمساواة.. يتسع للجميع، وكان مقتله غامضاً وظل كذلك، وحينها إنتشرت روايات متعددة حول مقتله، جميعاً لم تستند إلى أدلة وبراهين يمكن الاعتماد عليها كل رواية منها تختلف عن الأخرى وجميعها تختلف عن الرواية الرسمية التي أعلن عنها يوم مقتله، بعضها تذكر أن مقتله تم في منزل يقع في منطقة عصر وأخرى تذكر أنه قتل في إحد المنازل في الصافية ورواية ثالثة- وهي التي انتشرت بشكل واسع في تلك الفترة ولا تزال متداولة بين المواطنين حتى اليوم- أن الحمدي وأخيه جرى استدراجهما إلى حفلة غداء وهمية أقيمت لهما في أحد المنازل في الصافية أتى إليها أولاً شقيقه عبدالله وجرى قتله فور وصوله، وبعد حضور الرئيس الحمدي تفاجأ بمقتل أخيه ولقي نفس مصير أخيه وتزامن مقتلهما مع مقتل فتاتين فرنسيتين أحضرتا من باريس قبل أيام من وقوع الحادثة، لقيتا ذات المصير الغامض في ذات اليوم في مكان آخر غير المكان الذي قتل فيه الحمدي وشقيقه وأوتي بجثمانيهما إلى جانب جثتي الحمدي وشقيقه، ونقلت الجثث الأربع إلى منزل عبدالله الحمدي لإظهار أن قتلهم جميعاً كان لأسباب أخلاقية- كما أشيع حينها، وتضيف هذه الرواية ان مخطط قتلهم قد اتخذ خارج اليمن، اشتركت فيه عدة أطراف دولية وإقليمية ونفذ بأياد يمنية والدليل ان حادثة مقتل الفرنسيتين مرت مرور الكرام وبدون حدوث ضجة أو ردود أفعال اقليمية او دولية كما يحدث عادة من الدول التي يتعرض أحد رعاياها في أي مكان من العالم لحادث ولو مروري، حيث تقم الدنيا ولم تقعد.

بعد الحادثة تم اختفاء علي قناف زهرة قائد اللواء السابع وعبدالله الشمسي سكرتير الرئيس الحمدي وعبدالخالق معوضه قائد حرسه الخاص، الذين لم يعرف مصيرهم حتى اليوم واعتقال عدد من القيادات العسكرية المناصرة للرئيس الحمدي أو المحسوبة عليه أو على أخيه عبدالله الحمدي، منهم احمد الوديدي مدير التموين وأحمد الفسيل قائد سلاح المهندسين ويحيى الحكلاني نائب قائد العمالقة وعلي علي زلعاط أركان حرب الاحتياط وإسماعيل حجر قائد كتيبة الصواريخ وعبدالقادر حكمت وعبدالله إبراهيم وعلي بن علي الجائفي وأحمد قشاشة وعبدالله عزيز وحسين الشامي وعبدالخالق الحمامي السائق الخاص للحمدي وظلوا معتقلين إلى أن تم إطلاق سراحهم فيما بعد.

 

#أسئلة_دون_أجوبة

جميع هذه الروايات وغيرها تداولها المواطنون إلا انها لم تسند إلى أدلة وبراهين يمكن الاعتماد عليها.. وكانت الرواية -كما أشرنا- هي الأكثر انتشاراً ولكنني اتساءل كغيري من ابناء الشعب- وبعض هذه الاسئلة قد تكون بسيطة إلا انها ستؤدي حتماً للوصول إلى معرفة الكثير عن تفاصيل وحقائق تلك الحادثة، أين كان المرافقون والسائقون والحراسات الأمنية الذين رافقوهم إلى تلك الوليمة.. وإلى أين أوصولوهم.. ومن استقبلهم.. وكيف..؟ وهل جميعهم غادروا.. بعد إيصالهم إلى ذلك المكان.. ولماذا غادروا وأين هم حتى اليوم..؟

لم يتحدث واحد منهم بما جرى لهم بعد إيصالهم للمسؤولين مكان الحدث وهل توفوا جميعاً؟

هذه الأسئلة وغيرها لم تلق إجابة عليها لقضية غامضة أغلق ملفها ولا يزال مغلقاً وقيدت الجريمة ضد مجهول.. ولم يكشف عن حقيقتها وتفاصيلها الكاملة وخباياها وتحديد المسؤولين عنها حتى اليوم.

شكل مقتل الحمدي صدمة كبيرة للمواطنين في الشمال والجنوب الذين كانوا قد بدأوا يتذوقون حلاوة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء.. وخرجوا يوم تشييعه إلى مثواه الأخير بمظاهرات غاضبة عمت كافة المدن والقرى، كانت أكبرها في صنعاء وتعز، حيث توجهت مظاهرة صنعاء الى مقربة الشهداء موجهةً أصابع الإتهام للغشمي أنه من قتل الحمدي وشقيقه، وحضر تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير الرئيس سالم ربيع علي الذي وصل من عدن للمشاركة في التشييع، ويقال إنه اقسم للجماهير المحتشدة في مقبرة الشهداء بالثأر والانتقام لمقتل الرئيس الحمدي كما حضر التشييع رئيس وزراء جمهورية جيبوتي ونائب رئيس وزراء جمهورية الصومال وأعضاء مجلس القيادة والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والمسؤولون مدنيين وعسكريين ورجال الأعمال وآلاف من المواطنين الذين توافدوا من جميع انحاء الجمهورية للمشاركة في التشييع، وتدور الأيام حتى يلقى الرئيس سالم ربيع علي مصرعه بعد ثمانية أشهر من مقتل الحمدي في إنقلاب دموي اتسم بالغموض أيضاً، وباغتيال الرئيسين الحمدي وسالم ربيع علي انطوى عهد زاخر كان حلم كل اليمنيين في بناء يمن مزدهر قوي وموحد يسوده العدل والحرية والمواطنة والنظام والقانون.