النباء اليقين

الجوع والمرض والموت هدايا ابن سلمان وابن زايد للحديدة

الهدهد / مقالات

عبدالرحمن راجح

تقع مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 226 كيلو متراً. وهي مركز محافظة الحديدة . ويشكل سكانها  ما نسبته 11% من إجمالي سكان اليمن تقريبا.

وتحتل محافظة الحديدة المرتبة الثانية من حيث عدد السكان وترى معظم المنظمات الدولية والانسانية وعلى راسها الامم المتحدة  أن اليمن المحاصر منذ  ثلاث سنوات وسبعة اشهر  بات على حافة المجاعة، بعد أن أصبح 14 مليون شخص معرضون لخطر المجاعة، بسبب استمرار القصف والحصار الذي ادى الى انتشار واسع للاوبئة والامراض والفقر. غير ان الوضع في مدينة ومحافظة الحديدة غربي اليمن يختلف كليا عن مناطق اليمن الاخرى ويعد الاكثر تضررا من هذه الحرب التي يشنها إبن سلمان وإبن زايد على هذه المدينة.

 

الامم المتحدة وفي اخر تصريح لها عن الحديدة قالت ان المدنيين يدفعون الثمن في الحديدة وان اكثر من مئة وسبعين شخصا قتلوا في الحديدة خلال ايام كما ان الف وسبعمئة شخص اصيبوا جراء القصف الجوي السعودي الاماراتي على المدينة ومحيطها. وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن القتال في  الحديدة تصاعد مرة اخرى مشيرا الى مقُتل ما لا يقل عن 21 مدنيا وجُرح عشرة آخرون عندما قُصفت منشأة لتعبئة الخضار في المسعودي بمديرية بيت الفقيه بالحديدة. من جانبها، أعربت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي عن تعازيها لأسر المدنيين الذين قتلوا في الهجمات الأخيرة بالحديدة. وقالت المنسقة الأممية إن “المدنيين يدفعون ثمنا مروعا بسبب هذا الصراع”. مضيفة ان هذه هي المرة الثالثة في هذا الشهر التي تسبب فيها القتال بخسائر كبيرة في الحديدة.

 

القصف العشوايي على المدنيين من قبل الطيران السعودي الاماراتي ليس هو الوحيد الذي يقتل ابناء الحديدة حيث ادى التصعيد السعودي في هذه المنطقة حتى الان حسب الامم المتحدة الى تشريد أكثر من 570 ألفا وإجبارهم على الفرار من ديارهم لتتقطع بهم السبل ويعيشوا ماساة حقيقية في ظل الفقر والحرمان وانقطاع ارزاقهم بسبب الحرب والحصار.

 

ومع ان اليمن كله يعيش ماساة حقيقية بسبب الحصار والحرب الا ان الوضع في الحديدة يختلف حيث يعيش اغلب سكان هذه المحافظة على الصيد البحري وكذلك التجارة القائمة على الموانئ والسفن القادمة الى هذه المحافظة وهذه الاعمال توقفت تماما منذ بدء الحصار السعودي كما ان الحرب التي جرتها ابوظبي الى سواحل الحديدة واطراف مدينة الحديدة ادت الى تصاعد الازمة واحداث اكبر ازمة انسانية داخل ازمة اليمن التي تعتبر هي اكبر ازمة انسانية في العالم. وقد لا يعرف الكثير من الناس ان اغلب وقائع المجاعة والحرمان والفقر تقع في الحديدة وان هذه الصور القاسية التي تمتلئ بها شاشات التلفزة تاتي من اغلب مدن وقرى محافظة الحديدة. ومع ان الوضع الانساني متفاقم جدا في الحديدة وانها اكثر المناطق تضررا من الحرب والدمار الا ان الامارات والسعودية لم تأبه لهذه الحقيقة ولم تلتفت اليها رغم التحذيرات الدولية التي اطلقتها وتطلقها المنظمات الانسانية حيث يواصل الطيران حصد ارواح المدنيين ويواصل الحصار قتل من تبقى منهم.

 

الاعتداءات السعودية الاماراتية لم تتوقف عند هذا الحد بل ان هذه الدول ملأت معظم مناطق الشريط الساحلي بالمجموعات الارهابية التي كانت تسمى “داعش” و”القاعدة” حيث دفعت بهم الامارات بعد تغيير اسمائهم الى هذه المناطق. هذه المجموعات الارهابية قامت خلال عام تقريبا بتفجير العديد من المساجد والقبب الصوفية  التاريخية التي يعود بعضها الى اكثر من خمسمة عام باعتبارها “اماكن شركية” تحت مرأى ومسمع القوات الاماراتية والسعودية التي لا تختلف كثيرا عنها في استخدام الاساليب الداعشية التي تقوم بها هذه الجماعات. وكانت اخر عملية داعشية للقوات الاماراتية والجماعات التي تدعمها هي تفجير مسجد الفازة بالتحيتا في الساحل الغربي ومساواته بالارض في عمل اجرامي شاهدناه سابقا في العراق وسوريا غير ان الاحداث الداعشية هذه التي ينفذها رجال الامارات في اليمن لم تلق إدانات دولية او حتى تسليط الضوء عليها من قبل الاعلام العربي والاسلامي، ما قد يؤدي الى انتشار هذه الظاهرة ويشجع هؤلاء التكفيريين على المزيد من التخريب للمساجد والاماكن التاريخية في اليمن في المستقبل.

 

وبما ان ابن زايد وإبن سلمان يدعوان ويكرران ان حربهما في اليمن بشكل عام وفي الحديدة بشكل خاص هي عملية انقاذ ومساعدة كما يزعكون فان المؤكد والواضح للعيان ان هداياهم للحديدة واهلها المسالمين هي صواريخ الموت والمجازر والمجاعة والامراض باشكالها وانواعها بينما يتفرج العالم على هذه الازمة ولا يحرك ساكنا، بل ان دول العالم وعلى راسها اميركا اتخذت من العدوان السعودي الاماراتي وتجويعه للشعب اليمني وسيلة للتكسب وجني الارباح المالية قبل السياسية والاستراتيجية واصبحت صفقات السلاح مع الرياض و ابو ظبي حسب وزراة الدفاع الاميركية اهم من كل شيء مؤكدة على استمرار دعمها وان قضية خاشقجي قد تؤثر على كل شي الا بيع الاسلحة والدعم الاميركي للعمليات العسكرية في اليمن.