النباء اليقين

أوروبا تتخلى عن اللاجئين السوريين

الهدهد / عربي دولي

زداد في الفترة الأخيرة الاهتمام بملف عودة اللاجئين السورين أكثر من أي مرحلة مضت ما يدل على أن الدولة السورية باتت شبه جاهزة للانتقال إلى مرحلة جديدة في حياة البلاد السياسية، أولى خطواتها عودة اللاجئين بالرغم من كل التعقيدات الميدانية التي نتابعها في هذه الأيام، وهناك الكثير من الإجراءت التي تحدث عنها المسؤولون السوريون، وكذلك الأمر الروس مفادها وضع خطط ثابتة ومتحركة لأجل ترتيب عملية عودة اللاجئين إلى ديارهم.

طوال الفترة الماضية كانت دول الغرب تعيق هذه المساعي لتستخدم ملف اللاجئين للابتزاز السياسي وحتى المادي، لكن اليوم وعلى حين غرة نرى تحولاً جديداً في الموقف الأوروبي تجاه هذا الملف فقد أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون سيادة القانون والوكالات الأمنية ألكسندر زويف، أن العديد من دول الإتحاد الأوروبي مهتمة بأن يعود اللاجئون السوريون إلى وطنهم، وسوف يكونوا مستعدين للإستثمار في برنامج نزع سلاح المسلحين، الأمر الذي سيسهم في هذه العملية، وأضاف أفي تصريح لوكالة “سبوتنيك” أن إعداد مثل هذا البرنامج قد يستغرق عدة أشهر، ولكن لا يوجد حتى الآن تفويض بهذا الخصوص من مجلس الأمن الدولي وطلب رسمي من دمشق.

هذا الموضوع مهم وهنا لابد من أن نعلم مدى صدقية أوروبا في العمل على تحقيق هذا البرنامج بما يخدم عودة اللاجئين فعلياً وليس فقط شعارات؟

ماهي الأهداف التي تريد أن تحققها دول أوروبا من االمشاركة في تنظيم عودة اللاجئين السوريين؟

كيف يمكن أن يتم التعاون مع الدول الأوروبية وعلى أي أساس خاصة في مثل هذا الموضوع الذي تحول إلى قضية وأزمة عالمية بسبب الحروب التي إفتعلوها هم ذات أنفسهم؟

هل من برنامج أوروبي معلن بهذا الصدد حالياً وماهو دور المنظمات الدولية بدعم الحكومات في هذا الإتجاه؟

هل هي خطوة إنسانية فعلاً أم أنها مسند للإستثمار السياسي ودخول سورية من باب اللاجئين للمشاركة في إعادة الأعمار وخاصة اللاجئين بالملايين ولابد من إعمار بنى تحتية وسكنية وخدمية لإسكانهم وتأمينهم وكل هذا يحتاج إلى تمويل كبير جداً وسورية وحلفاؤها وحدهم لايمكنهم القيام به؟

هل سيفوض مجلس الأمن هذه الدول في تحقيق هذا المشروع وبالأساس هل ستطلب دمشق المساعدة وهي التي رفضت مشاركة أي من الدول التي دعمت الإرهاب ومولته سواء في العملية السياسية أو إعادة الإعمار وهنا نعود إلى طريق مغلقة في حال لم تطلب دمشق المعونة والمساعدة؟
بهذا الصدد يقول الخبير في شؤون الشرق أوسطية والأوروبية أنطوان شاربنتيي:

“أنا شخصياً ولسوء الحظ لا أعطي مصداقية كبيرة لأروروبا في ملف اللاجئين السوريين، والسبب أن ملف اللاجئين السوريين استعمل كورقة ضغط على الدولة السورية وحلفائها، وكان هذا الملف ورقة ابتزاز للدولة السورية وحلفائها أيضاً، ورقة تم استخدامها للابتزاز بالسياسة والمال، والآن بعد أن انتصرت سورية في مواجهة الحرب العنيفة القائمة عليها من الغرب وحلفائه لم يعودوا بحاجة لورقة الضغط هذه “ملف اللاجئين” وهم يتخلون عن اللاجئين تحت شعار عودتهم إلى سورية ومن هذا المنحى مصداقية أوروبا على المحك في هذا الموضوع، لكن عودة اللاجئين هي شيء منطقي وتعبر عن أن سورية انتصرت، وسورية تتقدم بعملية سياسية نحو السلام، وعودة اللاجئين هي نتيجة منطقية في الوقت الحالي، ولكن عليهم أن يتركوا الدولة السورية أن تنسق مع مواطنيها من أجل تنظيم عودة اللاجئين”.

وأشار الخبير شاربنتيي إلى أن

“أوروبا لا يهمها، ولا تريد تنظيم عملية عودة اللاجئين وإنما تريد المشاركة في إعادة إعمار سورية فهناك المليارات التي ستكون في السوق السورية عند بدء الإعمار، والآن في حال عودة اللاجئين لابد من أن تؤمن لهم البنى التحتية وإعمارها لاستقبالهم بشكل تام وناجح، أوروبا تريد المشاركة في إعادة إعمار سورية وخسرت في الحرب الخشنة تريد الآن تدخل سورية من خلال الحرب الناعمة، والحرب الناعمة هي العمل الجاري حالياً تحت شعارات عودة اللاجئين، وشعارات إعادة إعمار سورية ونزع السلاح من بعض المسلحين الذين بالأصل هذه الدول هي من أرسلهم إلى سورية، وكل هذه المناورات هي فقط من أجل المشاركة في العملية الاقتصادية السورية، يعني تحقيق المنفعة في إعادة إعمار سورية، وتحقيق المكاسب من كل الامتيازات وكل المليارات التي ستأتي من وراء هذه العملية “.

وأردف الخبير شاربنتيي

“فيما يخص موضوع عودة اللاجئين، الشق الأول لما وصل الوضع لأن يكون لاجئين لولا أن هذه الدول لم تدعم الحرب ضد سوريا وهجروا السوريين، وهذا سؤال يطرح اليوم، والشق الثاني سورية ليست جزيرة و وتعيش لوحدها ومعها الحلفاء، فقد يستدعي الأمر فعلاً طلب المشاركة والمساعدة من دول غربية ومن دول أخرى في إعادة الإعمار، وأعتقد أن هذا متداول في سورية وبين السورين حول أنهم يختارون البلدان التي كانت أقل شراً في هذه الحرب الشنيعة القائمة عليها ويطلبون منهم مساعدة في حال كانت سورية وحلفائها غير قادرين على القيام بتمويل عملية الإعمار لوحدهم ، وهذا أمر طبيعي لأن سورية ليست جزيرة معزولة تعيش لوحدها كما قلنا آنفاً، وهنا نرى أن فرنسا مثلا هي الأولى من بين من يتكلم عن موضوع اللاجئين، وانا أتحدث هنا عن فرنسا تحديداً لأني أعيش فيها، من جهة ثانية نحن نعلم أن هناك رفضاً قاطعاً لمشاركة فرنسا من قبل الدولة السورية، فرنسا تحاول بعدة طرق للدخول في هذا الموضوع، وبالتأكيد يجب أن يكون لدى الدولة السورية خطة خاصة بهذا الشأن”.