النباء اليقين

عن الثورة اليمنية.. وانتصار الإرادة الشعبيّة

الهدهد / مقالات

 

علي القحوم

تردّدتُ كثيراً على الكتابة عن الثورة اليمنية، وكلما كنتُ قد كتبتُ بعضَ الأسطر والكلمات ارتجف قلمي واهتزَّ لذلك الحدث العظيم.. وقلتُ متسائلاً لنفسي: أتريد حقًّا أن تكتُبَ عن ذلك الإنجازِ الشعبيّ العظيم وعن التأريخ الذي سطّره أبناءُ شعبنا اليمني في تلك الثورة ورسموا بدمائهم تأريخَ اليمن الجديد..

وفي تلك اللحظات كانت تخالجُني وساوسُ وتخوفاتٌ: هل تستطيع فعلاً أن تكتب عن هذه الثورة.. وكيف كانت وكيف كان الدور الشعبيّ الكبير فيها، فأتوقف ويجف قلمي ويهتز وينحني إجلالاً وتعظيماً لشعبٍ عظيم وقيادة حكيمة تستحضر عندها كُــلّ معاني الإنْسَـانية والحكمة والوقار؛ لتكون في حضرة واحد من صُنَّـاع التأريخ الحديث لهذه الأُمَّــة المستهدَفَة في وجودها والمتآمَر عليها، وتحتضر أَيـْـضَاً بعد ذلك لديك ملامح ذلك القائد التأريخي الذي يسكُنُه الإيْمَـانُ، فتلفتك الوداعة التي ينبض بها ذلك الوجه النابض بالبساطة والطيبة والشجاعة والحكمة والقول السديد..

هنا تتصادم الكلمات والأحرف في مخيلتي؛ لتجبرني أن أُعَبِّرَ عن ذلك الحدث العظيم والزلزال الكبير الذي هزّ المنطقة وقلب الموازينَ وجعل الصديقَ والعدوّ يحلل ما جرى في اليمن؛ كلٌّ على طريقته وتوجّهه.. لكن كلما تابعت تلك القراءات وجدت أنها ناقصة وبعضها تضليل وكذب وافتراء وتغطية على إرادَة الشعب كُــلّ الشعب وأنَّ مَا حصل شيء عابر لا يستحق القراءة والتركيز.. ليصب بعد ذلك الاستكبار جامَ غضبِه إلى الداخل اليمني بتوجيه كُــلّ أبواق الفتنة والتضليل إلى الداخل اليمني.. ليتم بعد ذلك التحريضُ والافتراء واختلاق الأحداث لما يصب في مصلحة مَن تضرر من الثورة الشعبيّة وأفقدته الهيمنة والوصاية..

وَأَيـْـضَاً التركيز على تضليل المشاهد اليمني والعربي على أن ما حصل في اليمن ليس ثورة شعبيّة بل تصفية حسابات لصراعات دولية بين أطراف متصارعة في المنطقة.. وكذلك صب الكم الهائل من الحملات الإعلامية المضللة للتقليل من شأن ذلك الإنجاز التأريخي العظيم ومحاولات فك الارتباط بقائد الثورة الشعبيّة سماحة السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله عن شعبة العظيم.. سيما بعد انتصار الثورة الشعبيّة في المقابل تم العمل على اتِّجَـاهين – الاتِّجَـاه الأول التضليل على ما جرى في اليمن بشكل مزيف لقلب الحقيقة والابتعاد قدر المستطاع بأن لا يرسخ مفهوم الثورة الشعبيّة وانتصار الإرادَة اليمنية؛ لأنَّ هذا سيشكل لهم خطرا في معظم البلدان وربما بلدانهم..؛ ولذلك يعملون جاهدين في تضليل الرأي العام بخزعبلات وترهات واختلاق أحداث من شأنها تشويه الثورة الشعبيّة وأَهْدَافها المحقة والعادلة.. الاتِّجَـاه الثاني يعملون وبشكل مفضوح على تشويه أنصار الله والدور الوطني للجان الشعبيّة والتعمد أَيـْـضَاً إلى تشويه قادة الثورة وتضليل الشارع اليمني في سباق واضح على من يسيطر على الشارع اليمني والقاعدة الشعبيّة..؛ لأنَّهم يرون بأن أنصار الله يحضون بتأييد شعبيّ منقطع النظير ولهذا تتسع القاعدة الجماهيرية لهم بشكل كبير في مختلف المحافظات اليمنية.. والمقلق أَيـْـضَاً في نفس الوقت تعاظم الحب والوفاء والولاء للقائد الثورة الشعبيّة سماحة السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي.. وهذا ما يزعجهم ليتحَـرّكوا في تنفيذ بعض المؤامرات منها تحريك الورقة الأمنيّة والضغط على الشعب اليمني بافتعال أزمات اقتصادية والضغط على الجانب الرسمي والقوى السياسية أن تقفَ إعلاميًّا وسياسيًّا فيما يريده الخارج يقابل هذا ضخ إعلامي كبير للترويج والتهيئة لتنفيذ هذه المؤامرات..

وأمام هذا كله كَثُرَ الحديثُ عما جرى في اليمن من ثورة شعبيّة فهناك من قرأها في سياق السيطرة على المدن والمحافظات.. وأن هناك أجندة خارجية أرادت أن تصفي حساباتها في اليمن مع بعض الدول.. وهناك من قال إنها إزاحة للإخوان المفلسين بالتنسيق مع حزب المؤتمر وهناك من قال إنَّ مَا جرى كان بتنسيق مع هادي للقضاء على خصومة، حيثُ سهّل لدخول أنصار الله إلى صنعاء كما يزعمون.. متجاهلين في نفس الوقت العامل الأساسي والمؤثر والفعّال وهي الإرادَة الشعبيّة التي بعزمها وقُــوَّة إرادتها انتصرت على الظالمين والمجرمين.. وكل ما قيل ليس إلا تضليل على الإرادَة الشعبيّة والتلاحم الشعبيّ ضد الفاسدين والعملاء..

كما أن هناك أَيـْـضَاً وهو الأخطر أن بعضَ دول الجوار رأت أن ما جرى في اليمن هو استهداف لأمنها القومي وأنَّه بات مهدّداً.. ولهذا باشرت دول الجوار في التآمر على البلد كُــلّ البلد ودفعت بثقلها إلى محاولة لإغراق اليمن في مستنقع الصراعات البينية من خلال إحياء النزعات المناطقية والطائفية والمذهبية والدق على أوتارها.. فيما الواقع أن اليمن ليس بلداً طائفيًّا ولا توجد فيه طوائف، صحيح أن هناك مذاهبَ متعددة، لكن هناك تعايش ولا مشكلة في ذلك..؛ ولهذا فشلت تلك الأنظمة العميلة لأمريكا أن تجر اليمن إلى صراعات من شأنها التشظي والتفتت كما عملت في سوريا والعراق في محاولة لتنفيذ نفس السيناريو.. لكن بفضل الله وفضل وعي الشعب سقطت تلك الرهاناتُ وفشلت مؤامراتهم.. وبعد هذا قاموا بتحريك الورقة الأمنيّة في محاولة لإرباك المشهد وتصوير الوضع بأنه غير مستقر.. وهذا كان عبر العناصر الاستخباراتية الأمريكية المسماة قاعدة وأخواتها من داعش، ابتداءً من كتاف ودمّاج وحوث وعمران وأرحب وصنعاء والعدين في إب وجبل الرأس في الحديدة وَرداع في البيضاء..

وكان هناك ضخٌّ إعلاميّ كبيرٌ وتضليل رهيب أمام ما حصل في تلك المناطق والمحافظات.. وكذلك كان هناك تغطية سياسية وإعلامية كانت تقوم بها بعض القوى السياسية المحلية.. في المقابل بفضل الله وفضل وعي الشعب فشلت هذه المؤامرات وهذه التحَـرّكات وبعد تنصل الجانب الرسمي والدولة من القيام وبواجبهم أمام هذه التحديات تحَـرَّكَ الشعبُ اليمني لإزالة هذه المخاطر في تلك المناطق والمحافظات، والحمدُ لله تم دحر تلك العناصر الإجرامية وأفشل المشروع هناك.. طَبعاً ليست المشكلةَ في الجيش والأمن وأنَّه لم يتحَـرّك أَوْ أنه ليس بمقدوره القيام بواجبه، لا، المشكلة هي في من يمتلك القرار السياسي الذي يتاجر بدماء اليمنيين باتّفاقات يبرمها مع دول الاستكبار التي تزعم أنها تحارب ما يسمونه بالإرهَاب..، حيثُ يتقاضون من خلال هذه الاتّفاقات الملايين من الدولارات.. ولهذا لا همَّ لهم بما يجري وما يحصل يفتحون الباب بمصراعيه أمام المستعمر الأمريكي ليصول ويجول في بحارنا وجزرنا وأجوائنا.. فتُنتهك السيادة ويُقتَلُ المواطنُ اليمني عبر طائرات بلا طيار ويهيمن الأمريكان على القرار السياسي وهذا كان قبل ثورة 21 من سبتمبر.. طَبعاً قبل اندلاع الثورة الشعبيّة 2014م كان الوضع مترديًّا والبلد بات في مهب الريح وبات الخارج يعمل ما يريد بدون مراقب أَوْ محاسب.. ولم يكتفوا بهذا بل قامت الحكومة بشن الحرب على الشعب اليمني. وتضييق الخناق عليه عبر جرعة اقتصادية قاتلة من أجل أن يرضخ الشعب كُــلّ الشعب للمحتل الأمريكي والهيمنة الخارجية وأن تتحول بلادنا كالعراق وسوريا وأفغانستان وباكستان وليبيا وغيرها من البلدان.. لكن الشعب اليمني لم يقبل بذلك، حيثُ تحَـرّك في ثورة شعبيّة طالبت بإسقاط الجرعة الاقتصادية وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.. وخرج الشعب كُــلّ الشعب في الشوارع ليهتف ضد الفساد والمفسدين والعملاء وكان العالم يرقب ذلك التحَـرّك خطوةً بخطوة.. وما مَيَّزَ هذا التحَـرّكَ الشعبيّ النموذجي أنهم كانوا يلتزمون بما يقوله قائد الثورة الشعبيّة في اليمن سماحة السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي قاد الثورة الشعبيّة ومراحلها حتى انتصرت.. فالشعب اليمني كان يبادل السيد بالثقة والوفاء والاستجابة والسيد كان يحمل هموم الشعب ويتحَـرّك بالخيارات المفتوحة لينقذ بلدنا وشعبنا من جلاوزة النظام الظالم الذي حكم البلد طيلة 33 عَاماً بالحديد والنار.. وهذا ما أَقَضَّ مضاجعَ الأمريكان والسعوديين وغيرهم وعملائهم في اليمن..، حيثُ تحَـرّك المجرمون لقمع الثورة الشعبيّة وإثخان القتل في المتظاهرين.. وهذا فعلاً ما حصل، إذ قام النظام الظالم بقمع الثوار أمام وزارة الداخلية في شارع المطار وسقط الشهداء والجرحى، حيثُ كانت ساحةً للمعتصمين أرادوا أن يفضوها ويقضوا على الثوار ولم يستطيعوا فضها.. وَأَيـْـضَاً ارتكبوا مجزرة أُخْــرَى قبالة مجلس الوزراء وأطلق الرصاص الحي على المتظاهرين وسقط عشرات الشهداء والجرحى..

في المقابل كان المجرم علي محسن الأحمر يعد العُدَّة ويجمع التكفيريين والقاعدة إلى ما كان يُعْرَفُ بمقر الفرقة الأولى مدرع سابقا ويفتح لهم مخازن الجيش ويوزعهم على مجموعات في أحياء العاصمة صنعاء، حيثُ كانوا بالآلاف غير ما كان معه آلاف من الجنود والضباط المواليين له..

وفي الاتِّجَـاه الآخر صدرت التوجيهاتُ العليا من رئاسة الجمهورية بأن يتم مواجهةُ الثوار والمتظاهرين حتى لو استُخدم السلاح للقضاء عليهم وأنهم لن يسمحوا بسقوط النظام والحكومة.. المعسكرات حينها تجهّزت في مختلف المحافظات اليمنية الجنود على أهبة الاستعداد القواعد الجوية جاهزة والوضع مرتّب ومنتظرون لساعة الصفر، لتبدأ العملية وفي نفس الوقت بعض القوى السياسية والجانب الرسمي والمجرم والهارب من وجهة العدالة اللواء علي محسن الأحمر كانوا متورطين في ذلك المُخَطّط مع تكاتف دولي ودعم لا محدود..

هنا الوضع يتعقد أَكْثَــر فأَكْثَــر الإعلام ينقسم إلى قسمين منهم من هو منخرط في المشروع الأمريكي الصهيوني يتناول الأخبار والأحداث من زاوية المؤامرة على الدولة كما يزعمون والسيطرة عليها دون الإشارة إلى الثورة والإرادَة الشعبيّة متغافلين ذلك بتعمد؛ لأنَّهم لا يريدون أن يرسخوا ذلك المفهوم.. في الضفة الأُخْــرَى الإعلام الحر والمقاوم والمناهض للمشروع الأمريكي الصهيوني يتحدث عما يجري في اليمن بأنها ثورة شعبيّة لها مطالب محقة وعادلة ويرقب الأحداث ويتناولها أولاً بأول.. في نفس الوقت كان هناك حراكٌ خارجيّ كبير للحيلولة دون نجاح الثورة الشعبيّة في اليمن؛ لأنَّ نجاحها ستقلب عليهم الطاولة وتختلط الأوراق.. ويعاد رسم المنطقة من جديد وفق ما يرتضيه الأحرار والشرفاء في البلاد العربية ولهذا تحَـرّكوا وبشكل علني.. وبالتالي من كان يتابع الوضع عن كثب سيجد القلق الكبير والتخبط في المواقف الدولية تجاه ما يجري في اليمن عموما في ظل هذه التحَـرّكات سواء الداخلية أَوْ الخارجية كان لقائد الثورة الشعبيّة سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي موقفٌ مغايرٌ لكل تلك التحَـرّكات التي يراد منها إعاقة الثورة وزرع الأشواك أمامها.. ليعلن قائد الثورة الشعبيّة استمراريةَ الحراك الشعبيّ والمضيَّ في الثورة حتى إسقاط تلك الطغمة الإجرامية وإسقاط معها الهيمنة والوصاية الخارجية سيما بعد أن وقعت المجازر بحق المتظاهرين..، حيثُ كان النظام الظالم يراهن بأن عزيمة الشعب اليمني قد وهنت بعد أن حصلت تلك المجازر لكنه تفاجئ بأن الحراك الشعبيّ ازداد وكثر.. وخرج الشعب كُــلّ الشعب من مختلف المحافظات اليمنية ليهتف ضد الظلم والإجرام والقمع والتسلط.. ويعلن أَيـْـضَاً سماحة السيد عن الخيارات المفتوحة لإكمال المشوار حتى نهاية الطريق فشكلت اللجان الشعبيّة لحماية الثورة وانخرط أنصار الله معهم في حماية الثورة والثوار وحصل ما لم يكن في الحُسبان..، حيثُ تهاوت عروشُ الظالمين والطغاة في ساعات معدودة وسقطت الرهانات المعدة داخليًّا وخارجيًّا.. وانتصر الشعب كُــلّ الشعب وانتصرت الإرادَة الشعبيّة اليمنية ليشرق فجر الـ 21 من سبتمبر ويعلن الانتصار.. وبهذا يكون علامة فارقة في تأريخ أبناء الشعب اليمني ويتحول إلى يومٍ حافلٍ بالمنجزات والمعجزات أَيـْـضَاً.. وتشرق شمس الحرية ويتنفس اليمنيون الصعداء ويستنشقون نسيم الحرية والخلاص لترفع الأيدي ويتوجه الجميع بالدعاء والابتهال إلى مالك الملك رب العالمين وترتفعُ الأصوات بالحمد والثناء لما تحقّق وما انجز ويصبح الدعاء “اللهم لك الحمد ولك الشكر فيما قضيت اللهم يًّا من أذليت جبابرة العصر واسقط الطغاة أحفظ لنا بلدنا وديننا وجمع شمل أمتنا يا عزيز يا جبار”.. هذا كان حال لسان كُــلّ اليمنيين الذين فرحوا وابتهجوا بانتصار الثورة الشعبيّة التي حاول الأعداء أن يضللوا على الواقع وعلى إصرار الشعب اليمني وقوته وصلابة إرادته ووعيه وصبره.. لكن هيهات لم يستطيعوا، وحصل ما لم يكن في الحسبان وهذا جزاء من صبر وعزيمة وتحَـرّك للتغيير الواقع المظلم فان الله مع الصابرين وأنَّه العزيز القدير فتحقّق ما خرج له الشعب اليمني.. لتصبح الثورة الشعبيّة اليمنية أنموذجاً رائعاً ويزف الشعبَ كُــلّ الشعب التهاني والتبريكات لكل شعوب المنطقة بهذا النصر الإلهي الكبير ويثبتوا معادلة شعبوية أن إرادَة الشعوب لا تقهر ولا تستطيع أية قُــوَّة في العالم أن تقف أمامها.. ولهذا يجب الاحتذاء بها سائر الشعوب لينالوا حريتهم ويتنفسوا نسيم الحرية والخلاص من الأنظمة المستبدة الظالمة والعميلة..

بعد انتصار الثورة الشعبيّة وقعت القوى السياسية والجانب الرسمي وأنصار الله اتّفاق السلم والشراكة والوطنية وكان الكثير يرى أن أنصار الله سيستحوذون على الحكومة أَوْ الدولة.. لكن تفاجئ الجميع بأن أنصار الله لم يشاركوا في الحكومة إطلاقا وظلوا يطالبوا بتنفيذ اتّفاق السلم والشراكة الوطنية.. طَبعاً هناك ملفات عدة وعتبات لم نطرقها منها ملف القضية الجنوبية التي يتحَـرّك الخارج من خلالها لتمييعها والاستغلال لها فيما يصب في مصلحته.. هنا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي رسم الخطوط حول القضية الجنوبي،ة أي بمعنى أنه افهم يا من يتلاعب بالمظلومية الجنوبية ويستغلها إننا لن نقبل بأن تميع أَوْ تستغل..؛ ولذلك طالب السيد القادة الجنوبيين بأن يعودوا إلى الداخل اليمني ليكون الحل يمنيًّا – يمنيًّا حلاً عادلاً.. وبهذا السيد قطع على الخارج الطريق أنه أي شيء يأتي من قبلكم سنعتبره تدخل وهذا مرفوض.. ولن يقبله الشعب اليمني وسيتحَـرّك لإفشاله أَيـْـضَاً بعد انتصار الثورة الشعبيّة قدّم السيد خلال خطاب الانتصار رسائل السلام إلى دول الجوار داعياً في نفس الوقت للخارج والقوى الإقليمية أن تحترم إرادَة الشعب اليمني وأن تغير سياساتها العدائية تجاه الشعب وإرادته وما تحَـرّك من أجله.. فان ظل متآمراً مستعدياً للشعب فالشعب لن يظل مكتوفي الأيدي أمام أي عدوان أَوْ تدخل أَوْ فرض مسارات من شأنها إعادة الأمور إلى ما قبل انتصار الثورة الشعبيّة.. ولهذا لا يخفى على أحد أن التآمر لا زال قائماً وأن العمل الاستخباراتي ينشط يوماً بعد يومٍ، وأن العناصر الإجرامية تتجمع بشكل كبير في مأرب في محاولة منهم لبناء أرضية جديدة لهذه العناصر الاستخباراتية الأمريكية من أجل بقى التدخلات والعمل من خلالها لفرض الهيمنة من جديد لكن الشعب اليمني رفض ذلك مطلقا وسيتحَـرّك في إزالة تلك المخاطر..

هنا ولمن يتابع الوضع في المنطقة بشكل عام يجد أنَّ مَا يسمى بداعش والقاعدة قد أرَّقت دولاً وقادة في المنطقة وأَصْبَــح كابوسا لهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا منه..، حيثُ يتطلب تكاتف دولي ويحتاج تدخل مجلس الأمن ودول الاستكبار التي أثبتت الأحداث والحقائق أن تلك العناصر صنيعتهم ولا يريدون التخلص منها بس يتخذونها ذريعة لاحتلال البلدان كما هو جاري في العراق وسوريا وليبيا.. لكن هنا في اليمن المشهد مغاير، حيثُ أثبت قائدُ الثورة الشعبيّة سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله معادلة أُخْــرَى أن الشعوب قادرة على إزالة أية مخاطر تهدّد أمنها واستقرارها وليست بحاجة إلى تكاتف دولي ولا طائرات بدون طيار.. فما أنجزه الشعبُ كُــلُّ الشعب يثبت جدوائية هذه المعادلة، هنا الكثيرون يرون أن اليمن انزلقت في مستنقع الصراعات الأهلية والبينية وأن الوضع غير مستقر وأن الأمور خارج السيطرة.. وهذا كله في الإعلام، حيثُ تثبت تلك الدول الاستكبارية عبر أبواقها الظلامية بأن عناصرهم الاستخباراتية المسماة قاعدة لازالت قوية وما يردد عن دحر لهم وإفشال المشروع، كلام غير صحيح.. فلا يخلو يومٌ ما تلك الأبواق الظلامية تزف الانتصارات الوهمية لعناصر الإجرام في اليمن في محاولة أن لا يرسخ أن الشعب اليمني استطاع أن يقضيَ على تلك الألعوبة الشيطانية المسماة قاعدة.. وأنه لا بُدَّ من تدخل دولي وأمريكي للقضاء عليها فيما الواقع أن الشعب اليمني استطاع أن يقضي عليها في كثير من المناطق.. ولن يقف مكتوفي الأيدي أمام أي خطر يحدق بالبلاد وسيتحَـرّك في إفشال أي مؤامرة من شأنها تفتيت اليمن وتقسيمه.. وبالتالي حينما تنصل الجانب الرسمي بعد انتصار الثورة من دوره وسحب القوى الأمنيّة مساهماً بذلك في ما يريده الخارج أن تدخل البلد في فوضى عارمة وأن تبقى الأوضاع ُمختلة.. لكن أبناء الشعب اليمني وقائد الثورة الشعبيّة لم يسمحوا بذلك بل تحَـرّكت اللجان الشعبيّة مع القوى الأمنيّة والعسكرية الشرفاء في حفظ الأمن والاستقرار في كثير من المحافظات اليمنية.. وتحَـرّكت في المقابل اللجان الثورية في الوزارات والمُؤَسّسات الحكومية لتجفيف منابع الفساد ومحاربته بعد أن فتح المجال من قبل المعنيين بأن تنهب مقدرات الشعب ويزداد الفساد.. لكن اللجان الثورية تحَـرّكت واستبقت ذلك وسدّت الكثير من منابع الفساد، وما الضجيج الإعلامي على دور تلك اللجان إلا دليل واضح على انزعاج المفسدين والعملاء.. وهنا يتحَـرّك الشعب اليمني لإكمال مشوار ثورته في تطهير مُؤَسّسات الدولة من الفاسدين والعملاء والحد من الاختراقات في مُؤَسّستي الجيش والأمن.. عموماً المرحلة المقبلة كفيلة بأن تكون حاسمة على شقين الأول تطهير كُــلّ شبر من أرض اليمن من عناصر الاستخبارات الأمريكية وَالصهيونية المسماة قاعدة.. والشق الثاني تطهير مُؤَسّسات الدولة من الفاسدين والعملاء وبهذا تكتمل ثورة الشعب اليمني وتبني الدولة العادلة التي يتطلع إليها كُــلّ مواطن يمني يكفل فيها الحقوق والحريات.. وتبني مُؤَسّستي الأمن والجيش على أُطُرٍ وطنية تحمي البلاد والعباد وتكون ملكاً للشعب لا لفئة ولا لحزب ولا أداةً للخارج يقمع به من يريد وتصبح بلدُنا آمنةً ومستقرة وحُرَّةً ومستقلة..

لكن الأمريكي لم يرق له هذا فتحَـرّك مع أدواته القذرة من السعودي والإماراتي إلى إعلان العدوان على اليمن أرضاً وإنْسَـاناً وأعلنوها من واشنطن وظنوا أنهم سينجحون في كسر إرادَة الشعب اليمني لكنهم تفاجئوا بالصمود الأسطوري ونحن على أعتاب العام الرابع من العدوان على اليمن وبفضل الله لم يتحقّق لهم ما كانوا يحلمون كهدف رئيسي سقوط اليمن في براثن المؤامرة والاحتلال ونهب الثروة.. طَبعاً رغم كثافة الغارات الجوية واستجلاب الآلاف من المرتزِقة من شركات القتل والإجرام بلاك ووتر وعناصر ما يسمى بالقاعدة وداعش والجنجويد السودان ورغم الحصار البحري والبري والجوي وقصف البارجات الحربية وكل تقنيات أمريكا وإسرائيل العسكرية المتطورة وقف الشعب صامداً صابراً في وجهة الاستكبار العالمي ولم ينحنِ متوكلاً على الله وحدَه في خوض غمار معركة التحرّر والاستقلال ويقولها مجدداً بأنه سيكمل المشوار الثوري مهما كانت التضحيات فالقضية قضيته والأرض أرضه لن يكل ولن يمل من مقارعة الغزاة حتى ولو طال أَمَدُ العدوان ألف عام، سنقاتلهم جيلاً بعد جيل، وهذا مصير اخترناه لن نحيدَ عنه على الإطلاق..