النباء اليقين

التحالف العربي أم السعودي الإماراتي الهش..؟

الهدهد /  تقارير

ظنّت بعض وسائل الإعلام أن ما يسمى “التحالف العربي” قد حرف مساره عن الأهداف التي كان يسعى خلفها في اليمن والمتمثلة بإعادة “الشرعية” على حدّ تعبيرهم، ولكن يمكن القول بصراحة أن مسار هذا “التحالف” كان بعيداً عن أي أجندات حقيقة لضمان مستقبل أفضل لأبناء اليمن، وما جرى منذ العام 2015 وحتى اللحظة يظهر ذلك، واليوم نحن أمام كارثة إنسانية مفجعة في بلد عربي فقير سببها دول عربية ثرية.

 

التحالف السعودي الإماراتي

 

“التحالف العربي” بعد ثلاث سنوات من قصف اليمن وتهجير شعبه وتجويعهم وجد أنه يحقق أجندات “سعودية إماراتية” بحتة لذلك وجدنا بعض الدول انسحبت منه وانقسم التحالف على نفسه وحوصر إعلامياً ولم يعد يناسب بقية الدول أن تكون شريكة في حرب ليست حربها ومشاريع لا تقدم لها أي شيء سوى “سوء السمعة” و”غضب شعوبها”، فالإمارات والسعودية قامتا بتقسيم الحصص بينهما في اليمن على أنقاض الشعب هناك.

 

اليوم وبعد انسحاب بقية الدول العربية من هذا التحالف على خلفية الأسباب المذكورة آنفاً، فضلا عن كثرة التقارير الدولية والإنسانية والصحفية التي تهاجم هذا التحالف الذي أنهى حياة شعب بأكملها مقابل حفنة من الأطماع، بعد هذا وذاك أصبح الجميع يطلق عليه اسم ” التحالف السعودي الإماراتي في اليمن”.

 

التأسيس وسير الأحداث

 

بدأ التدخل العسكري في اليمن في ربيع العام 2015 وأطلق “التحالف العربي” على عملياته مجموعة من الأسماء والعناوين الرنانة مثل “عاصفة الحزم” و”عمليات إعادة الأمل”، وكان يضم التحالف منذ تأسيسه كلًّا من: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر ومصر والأردن والسودان والمغرب.

 

بدأت العملية العسكرية ضد اليمن وسرعان ما بدأت تستهدف المدنيين في جميع المحافظات تقريباً، وبدأ التحالف يضغط على الشعب اليمني عندما وجد أن الحل العسكري لا ينفع وبدأ بمحاصرة هذا الشعب برّاً وبحراً وجواً وحاول أن يقطع عنه جميع منافذ الحياة عبر استهداف أي شحنة مساعدات تصل لهذا الشعب، ومع فشل هذا الحل أيضاً بدأت الدول المشاركة تستشعر خطر ما يجري وأن الأمور لن تكون في مصلحتها على المدى البعيد، لذلك بدأت بالانسحاب واحدة تلو الأخرى لتبقى السعودية والإمارات في صدارة هذه الحرب الجوفاء.

 

وبدا المشهد على الشكل التالي منذ بداية الحرب:

 

أولاً: منذ اليوم الأوّل كانت مشاركة بقية الدول العربية شكليّة حيث شكّلت الأطراف السعوديّة والإماراتيّة القوام الأكبر لكون هذه الدول تعلم غايتها من اليمن بشكل جيد، وما فعلته تباعاً أظهر للجميع هذه الغايات التي تحمل طابعاً احتلالياً.

 

داخل هذا التحالف، شاركت بعض الدول لتسجيل موقف سياسي لا أكثر ولا أقل لكونها تربطها مصالح أكبر مع السعودية والإمارات ولا يناسبها أن تختلف مع هذه الدول لكون فاتورة الخلاف معها كبيرة نوعاً ما، خاصة تلك الدول الصغيرة التي لا تملك قراراً سياسياً مستقلاً، وبعض الدول اقتصر دورها كالأردن والكويت على إصدار البيانات وفق الطلب السعودي، الكويت استضافت مفاوضات وارتبطت بعلاقات جيدة مع أنصار الله، فكيف تكون في هذا التحالف؟.

ثانياً: من المستغرب كيف يمكن أن يكون اسمه “تحالف عربي” وهو يستهدف عمق دول عربية فقيرة يجب مساعدتها لا تدميرها وتشريد شعبها، عندما تسمع بهذا الاسم “التحالف العربي” تشعر وكأنه موجه نحو “الكيان الاسرائيلي” مثلاً، ويتعارض هذا التحالف من حيث المبدأ مع جميع المبادئ العربية المتفق عليها من قبل جميع الأطراف.

ثالثاً: الائتلاف السعودي الإماراتي لم يرحم حتى الدول المشاركة معه في التحالف مثل مصر وقطر وعمان، حيث استهدفت هذه الدول بأساليب مختلفة فحاصروا قطر وحاولوا عزلها ومعاقبتها وابتزوا مصر وعمان وحالوا التدخل في شؤون الأخيرة وفرض إملاءات عليها وتشويه تاريخها ….الخ.

رابعاً: شريحة واسعة من اليمنيين، حتى أولئك المخالفين لأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، باتوا ينعتون التدخّل السعودي والإماراتي بـ”الاحتلال”، وبالتالي لا يمكنهم اتهام العرب بشكل عام، بل هم على خلاف مع النظامين السعودي والإماراتي.

 

خامساً: تقاسم الحصص شمل الإمارات والسعودية فقط وهذا خير دليل على أن التحالف هو كذلك

في الحقيقة، التحالف هو نسخة عربية عن التحالف الدولي بقيادة واشنطن لشرعنة العدوان على اليمن، تماماً كما تفعل أمريكا من خلال التحالف الدولي.

 

وخلال العام الثاني من بدء عمليات السعودية والإمارات في اليمن، بدأت تظهر مطامع الدولتين الاقتصادية من خلال سيطرتهما على الموانئ والمنافذ والمدن التي تعتبر متنفّس اليمن الاقتصادي، واستغلّت السعودية والإمارات مشاركتهما في التحالف لتسيطرا من خلال قوات أمنية وعسكرية درّبتها (لا تمتثل للحكومة اليمنية الشرعية) على جزيرة سقطرى وميناءي عدن والمخا، جنوبي البلاد.

 

وأقامت كلا الدولتين قواعد عسكرية في جزيرة ميون، جنوب غرب، المتاخمة لمضيق باب المندب، الذي يمثّل ممراً مائياً استراتيجياً للتجارة العالمية، ولم تعد الإمارات تخفي أطماعها في جزيرة سقطرى اليمنية، وباتت تسيطر عليها بعد أن أرسلت خامس طائرة عسكرية، في مايو الماضي، وسط مطالبات يمنية بمغادرة القوات الإماراتية، وتعديل سياسة أبوظبي باليمن.

 

وكنوعٍ من استشعار خطر أبوظبي في اليمن كشف مصدر في الرئاسة اليمنية عن تحرّكات سعودية لإنشاء 3 قواعد عسكرية تابعة لها بمناطق مختلفة جنوبي اليمن.

 

ختاماً.. تحالف أربك المجتمع الدولي ودمر دولاً وحاصر أخرى وجوّع أطفالاً وشرّد شعوباً وقتل آلاف الأطفال ماذا يمكن تسميته؟!.

(الوقت التحليلي)