النباء اليقين

بقلم/عبد المنان السنبلي “بن جوريون، جولدامائير .. ناما قريري العين…”

في عام 1969 و عقب جريمة إحراق المسجد الأقصى تقول رئيسة وزراء الكيان الصهيوني جولدامائير في مذكراتها أنها يومها بكت ثم ضحكت، بكت في اليوم الأول عندما وقعت جريمة الإحراق معتقدةً أن العرب سيقومون بمحو إسرائيل من الوجود كردة فعل طبيعية عن ذلك الجرم، ثم ضحكت في اليوم الثاني مستهزئةً عندما وجدت أن العرب لم يفعلوا شيئاً تجاه تلك الجريمة !! و من قبلها وقف مؤسس دولة الكيان الصهيوني بن جوريون على قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاً : ” هاقد عدنا يا صلاح الدين، محمد مات خلف بنات، حط المشمش عالتفاح جيش محمد مات و راح ..” إلا أنهم الصهاينة و مع ذلك لم يخفوا توجسهم خيفةً من بروز و ظهور حركاتٍ عربيةٍ تحرريةٍ مناهضةٍ و مهددةٍ لوجودهم برغم تمكنهم من إختراق جدار حالة الرفض العربي الرسمي لهم من خلال توقيع إتفاقيات سلام مع مصر و الأردن و بعض الفصائل الفلسطينية و إقامة علاقات بدأت بشكل سري ثم أصبحت علنية مع بعض الدول المرتبطة مصيرياً مع أمريكا كدول الخليج و المغرب و مؤخراً النظام السوداني… عقِب الإجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في 1982 بدأت تنشأ بؤرٌ للمقاومة هنا أو هناك من إتجاهاتٍ و تياراتٍ مختلفة لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي إلا أنها لم تكن في معظمها إلا كسابقاتها من المقاومات الغير منظمة في فلسطين و لبنان و التي تظهر ثم تتلاشى تدريجياً حتى تختفي أو تضعف بإستثناء حالة واحدة و هي تلك التي نشأت و أنبثقت عن حركة أمل و التي باتت تعرف اليوم بإسم ( حزب الله ) حيث قاد حزب الله حركة المقاومة حتى أنه لم يعد في الساحة اللبنانية إلا هو لتتوالى بعده حركات المقاومة و التي أُنشئت على نفس المنوال كحركتي حماس و الجهاد الإسلامي في فلسطين … إستطاعت في الواقع حركات المقاومة هذه أن تُلقّن العدو الإسرائيلي ما لم تستطع فعله الجيوش العربية مجتمعةً في كل مواجهاتها مع هذا الكيان الغاصب حيث إستطاع حزب الله أن يُجبر إسرائيل و يرغمها على الإنسحاب هرباً من جنوب لبنان في عام 2000 ليتمكّن بعدها من هزيمتها في حرب تموز في 2006 و كذلك فعلت أمثاله من حركات المقاومة الفلسطينية في 2008 و 2010 الأمر الذي جعل العدو الإسرائيلي يعيد النظر في حساباته و طريقة فهمه لقواعد الإشتباك بعد أن كان يرى في جيشه الجيش الذي لا يُقهَر… ما زاد من مخاوف إسرائيل الوجودية من حركات المقاومة هذه هو ذلك الدعم و التأييد الشعبي العربي الآخذ في الإتساع يوماً بعد يوم لدرجة أن المواطن العربي لم يعد يعوّل على الأنظمة العربية و الحكومات في مواجهة الكيان الصهيوني خاصةً و أن معظم هذه الأنظمة قد فتحت قنوات إتصال و أقامت علاقاتٍ من نوعٍ ما معه و بصورة أو بأخرى، بل أن البعض قد بدأ في إقامة تحالفاتٍ معه و لم يتردد أو يتحرج من المجاهرة بذلك .. لم تكن تتوقع إسرائيل في حقيقة الأمر و هي في غمرة مخاوفها و قلقها من حركات المقاومة هذة أن تجد يوماً من ينوب عنها و يقوم مقامها في الداخل العربي إلا بعد أن قررت العديد من الدول و على رأسها دول الخليج إعتبار حزب الله منظمة إرهابية لتأتي بعدهم ما تُسمّى بالجامعة العربية و تتخذ قراراً أحمقاً يبارك و يؤيد ما ذهب إليه صهاينة العرب في الخليج تجاه حزب الله !! هكذا و كما باركوا من قبل حصار غزة للتضييق على حركات المقاومة هناك و هدم الأنفاق و تقديم المعلومات الإستخباراتية لإسرائيل يتخذ أعراب العصر و بدون سابق إنذار و بجرة قلم قراراً يصنفون به حزب الله منظمة إرهابية يُحظر التعامل أو التواصل معها لتجد إسرائيل نفسها مذهولةً أيّما ذهول أمام ما صنعه خرفان العرب و قدموه من خدمةٍ و صنيعٍ لها لم تكن يوماً لتحلم به لولا صهاينة العرب الجدد، فكأنما لسان حالها اليوم يقول : نَمْ يا بن جوريون قرير العين و كذلك أنت يا مائير نامي قريرة العين، فلم يعَد اليوم ما يمكن أن يؤّرق منامكما في و جود حلفاء إسرائيل الجدد من أعراب الألفية الثالثة…