النباء اليقين

المفسدون ومحاسن موتاهم

الهدهد / مقالات

عبد العزيز البغدادي

يجب أن لا يُفهم بأن النقد الموجه ضد الفساد والمفسدين في ظروف العدوان بالذات موجه ضد النتائج وترك المقدمات اعتماداً على الحديث أو المقولة (أذكروا محاسن موتاكم ) التي يرفعها عادة المفسدون والسذج في وجه من ينتقد الأخطاء والممارسات بحجة أننا في عدوان فالنقد البنّاء لكل من يتولى الشأن العام حياً أو ميتاً يجب أن لا يتوقف ، وليس للمفسدين في الشأن العام محاسن فهم بذرة خبيثة فعلهم في جسم الوطن كالسرطان ، وما دمنا نتحدث عن المصلحة العامة فيجب أن نفهم بأن العفو العام مشروط بتحقيق هذه المصلحة وليس للدعاية لشخص الحاكم وإلا عُدَّ شريكاً في الجرائم التي أصدر العفو بشأنها فصاحب الحق العام هو الشعب أما السلطات جميعها فليست سوى مؤتمنة عليه وعليها أن لا تخون أمانة المسؤولية تحت هذا العنوان البراق ( اذكروا محاسن موتاكم ) الذي يطبق خارج السياق .

فالمقولة تنطبق على السلوك الشخصي العام للحكام وليس على كيفية أدائهم لمسؤولياتهم وإلا كان العفو شيكاً مفتوحاً لكل فاسد يعمل من خلاله ما يشاء فالموت سيغطي أفعاله وجرائمه, بل إن بعض المحسوبين على الحلم بالثورة في 11 فبراير 2011 قد ذهب أبعد من هذا بإصدار ما أسمي بقانون الحصانة أبرز مخرجات التدخل السعودي الخليجي لحماية أدواتهم وبداية الالتفاف على الثورة باسم المصالحة مع من يفترض أن الثورة قامت ضدهم، ومضمونه عدم خضوع رأس نظام الفساد ومن يتبعه للمحاكمة والملاحقة لأي سبب!؛

بعض المقولات والنظريات إن لم تُقرأ بمجملها وبعض الظواهر إن لم يُنظر لبواطنها فإن الحديث عنها قد يساعد الفاسدين على امتطاء صهوة الموجة الإعلامية لمكافحة الفساد التي يظنها البعض وسيلة مناسبة للتخفف من تبعاته بل وتحويل الفاسدين إلى قادة يركبون موجة الاحتجاجات التي تندلع ضده كما حصل في ثورة فبراير 2011 في اليمن, وكما هو حاصل في لبنان وما هو الحال مع موجة الحرب على الإرهاب التي أعلنها رمز البيت الأبيض منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وهو صانعُ الإرهاب ومُصدِّرُه ، إنها ذات المدرسة التي ينتمي إليها كل المفسدين في الأرض اليوم في لبنان واليمن والعراق وسوريا ومصر وكل العالم على اختلاف الأسماء واتحاد المسميات وهي أدوات الإفساد الممنهج حصان شيطان التدخل في شئون البلدان لخلق المشكلات وإعاقة النمو واستثمار السلام الهش والحروب الطاحنة والاعتداءات السافرة باسم دعم الشرعيات ويقصد بها دائماً شرعية القرار الأمريكي الصهيوني البريطاني وأذيالهم في المنطقة كالسعودي والإماراتي الذين هم مجرد أدوات قذرة وممولين خانعين لمشاريع النزاعات والحروب باسم الشيعة والسنة وغيرها وتمكين من يمثلهم في تنفيذ هذه المشاريع باستخدام أقذر الأساليب التي قد يتحرج الأصيل من ممارستها لأسباب داخلية ، والمثال الصارخ اليوم هذا العدوان الأقذر من نوعه في التأريخ الذي شن على اليمن ومازال مستمراً بكل وقاحة واستهتار بالقيم والمبادئ والقوانين الدولية الدينية والإنسانية !!؛

والأكثر مدعاة للحزن أن كل هذا الموت والدمار والحصار يجري تسويقه باسم الدفاع عن الشرعية ، والأدهى والأمر أن من بين المسوقين من يفترض أنهم فئة المستنيرين الذين درسوا على حساب الخزينة العامة للشعب المعتدى عليه ، وبعضهم أو عدد كبير منهم تخرّجوا من دول تعرف جيداً معنى السيادة والشرعية وكيف أن أول حروف الشرعية إنما تنبع من نبض الشعب وارادته في الداخل ، وهي منتج محلي 100% وليست بضاعة خارجية !؛

آخر تصريح للمدعو عادل الجبير مضمونه: أن اليمنيين سيكون لهم في المستقبل دور في حكم اليمن !!!!!؛

وعلامات التعجب هنا أياً كان عددها لا تكفي للتعبير عن المشهد الساخر حتى النخاع ، ومن المؤكد أن المقيمين في بلد العدوان بانتظار العودة لتمثيل هذه الشرعية اليمنية المصنعة في الرياض والمصممة في واشنطن؛ هؤلاء الأبطال يملكون ضمائر قادرة على قبول أعلى مستوى ممكن تصوره من الإهانات وقبول أي قدر من الاستهتار والسخرية في سبيل عودة شرعية لا يمكن أن يوجد مثال لوضاعتها في الماضي والحاضر والمستقبل !؛

بهذا نؤكد أن أي نقد موجه إلى خلايا الفساد النائمة والمستيقظة على مدار الساعة في الداخل إنما هو نقد موجه إلى الإفساد الممهنج الذي يمارسه البعض بالأصالة عن المفسدين المحليين وبالنيابة عن المعتدين المتربصين الذين زرعوا الفتنه في أرض خصبة زعماؤها معروفون وأبطالها متعددو المذاهب والمشارب والأشكال والصور ، وأبجديات العقل والإحساس بالمسئولية تنبه الجميع إلى أن الحرب ضد الإفساد الممهنج ينبغي أن لا تغفل عن حقيقة توجه العدوان إلى استخدام الفساد والإفساد الممهنج وساهم في تغذيته منذ عقود بواسطة من فرط في السيادة ورهن وطنه ليكون ذيلاً على شكل رأس ونعلاً يرتدي ثوب الزعامة ، !؛ استخدمه حتى آخر نفس ثم رماه في المزبلة غير مأسوفٍ عليه كما هو شأن المرتزقة واللصوص !،

المشهد هو نفس المشهد في لبنان والعراق وسوريا وغيرها ، تختلف الأسماء ولكن المصدر والمستثمر واحد !؛

إلى المفسدين بكل العناوين

اذكروا للفساد محاسنه

واتركوا كل حرٍّ وكل شريفٍ

ينادي بدفن الطغاة

ويستل سيف الجهاد .