النباء اليقين

موالاةُ خونة الأوطان خيانةٌ للوطن

الهدهد / مقالات

منير إسماعيل الشامي

لا يمكنُ بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يجتمعَ حُبُّ الوطن وحبُّ عفاش، أَو حبُّ الوطن وحبُّ الدنبوع، أَو حبُّ الوطن وحُبُّ الزنداني، أَو حبُّ الوطن وحُبُّ صعتر، أَو حبُّ الوطن وحُبُّ أيِّ خائنٍ آخرَ أياً كان في قلبِ مواطنٍ يمنيٍّ إطلاقاً، كما لا يمكنُ أن يجتمعَ الإيْمَانُ والنفاقُ.

ذلك أنَّ الولاءَ للوطن يقتضي معاداةَ أعدائه قبلَ مولاة شُرفائه؛ ولذلك فمَن يدّعي مثلَ هذه الأقوال فهو كاذبٌ، والكاذبُ منافقٌ؛ لأَنَّ الكذبَ علامةٌ من علامات النفاق.

عفاش على سبيلِ المثال هو من أشعلَ ستَّ حروب على صعدةَ؛ تنفيذاً لتوجيهِ النظامِ الصهيوأمريكي، قتل فيها عشراتِ الآلافِ وجرح مثلَهم ونزّحَ أضعافَهم، ودمّــر بيوتَهم واعتقل الآلافَ من شباب اليمن لشهور ولسنوات، ومع ذلك ورغم كُـلِّ تلك الجرائم التي ارتكبها بحَقِّ مواطنينَ أبرياء من شعبه لا ذنبَ لهم إلا أن قالوا ربُّنا اللهُ، ورفعوا هاماتِهم وقطعوا عهداً أن لا يركعوا إلا للهِ، ولا يخضعوا إلا لجلالِه وسُلطانِه سبحانَه وتعالى، فلم يمسوه بسوءٍ بعد أن مكّنَهم اللهُ منه ودخلوا صنعاءَ، وَلكن لماذا؟!..

لأَنَّهم يحملُون مشروعاً قرآنياً، لا مشروعاً شيطانياً، ونهجَ بناءٍ لا نهجَ هدمٍ، وثقافةَ عفوٍ وتسامُحٍ لا ثقافةَ ثأر وانتقام.

وحينما أعلن عفاش أنَّه ضدَّ العدوان توجّـهوا إليه وحفظوا له جميلَ ذلك الموقف، وأشادوا بموقفِه رغم أنَّه كان موقفاً صُورياً أُجبر عليه مكرهاً لا مخيّراً، ولو أنه ظلَّ على ذلك الموقف حتى نهايةِ العدوان لاعتبره أنصارُ الله رَمْـــزاً وطنياً ومحا التاريخُ ماضيَه الأسودَ، وسجّل موقفَه الصوريَّ في أنصع صفحاته.

لكن للأسف، وكما قال اللهُ تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ).

فلأَنَّه لم يكن صادقاً في موقفه، أحبط اللهُ عملَه، فلم يستطع صبراً على مواصلةِ البقاء في صَفِّ الوطن الذي أخذ منه كُـلَّ شيءٍ وقاده لثلاثة عقود، ولم يُقدّمْ للوطن شيئاً من خيرٍ غيرَ البلاء والويل.

فشاءت الأقدارُ أن يُعلنَ عن موقعِه من الوطن وقضيته، ويكشفَ عن حقيقة موقفه العدائي وتضامُنِه الأزلي مع أعداءِ اليمن التاريخيين، ولا غرابةَ في ذلك فهو عميلُهم المخلِصُ، ورَجُــلُهم الأولُ الذي استغنوا عنه ورموا به غيرَ مأسوفٍ عليه، إلا أنَّه ظلَّ لهم وفيًّا ومخلصاً، وهذه صفةٌ محمودةٌ في الكلاب.

اختار نهايتَه الحتميةَ؛ ليسقُطَ صريعاً خائناً لوطنه وشعبه، كما عاش فيه وساده وهو خائنٌ له وظلَّ منغمساً في وَحْـــلِ الخيانة الوطنية طوالَ حياته؛ ولذلك فمن حقِّنا أن نقولَ لكُلِّ من يدّعي حُبَّ الوطن وحُبَّ عفاش، أَو حُبَّ الوطن وحُبَّ أيِّ خائنٍ آخرَ:

كفاكم مزايدةً، فأنتم بهذا القول إنَّما تفضحون نفاقَكم على الملأ، وتفضحون غباءَكم أمام العالم، وتثبتون أن لكم وطناً غيرَ وطننا، فوطنُكم عفّاش الذي تسعَون للتضحية بوطننا وأنفسكم من أجله، وهذا ما لن نسمحَ لكم به أبداً، واعلموا أنَّ من كان وطنُه “عفاشاً”، فإنَّ “عفاشاً” قد ماتَ ومن كان وطنُه اليمن فاليمنُ باقٍ ولم يمُت، وَهو أولى بالتضحية وأحقُّ بها لو كنتم تعقِلون.