النباء اليقين

السعودية ترث الإمارات في عدن.. إعلان نهاية التحالف

الهدهد / مقالات

علي الدرواني

في الايام الاخيرة باتت الاخبار القادمة من عدن تؤكد على سحب الامارات لمعداتها العسكرية وغير العسكرية، ومغادرة المدينة وتسليم المقار العسكرية والامنية لقوات سعودية، واليوم اعلنت السعودية في بيان رسمي باسم ما يمسى قيادة قوات التحالف، عن استلام قيادة قوات التحالف في عدن تحت عنوان “إعادة تموضع قوات التحالف في (عدن)” لتكون بقيادة المملكة بدلا عن الامارات.

الطريقة التي خرجت بها الامارات من اليمن، تدل ان ابو ظبي تعلمت الدرس في اليمن، وادركت انها لن تكون رابحة باي شكل من الاشكال، فسمعتها تلطخت وقواتها هزمت، ومستقبلها الاقتصادي مهدد، ولن تتحمل اي ضربات تقوم بها القوة الصاروخية او سلاح الجو المسير اليمني، او على الاقل المكاسب لن تكون ابدا على قدر الخسائر التي ستفوق المكاسب بشكل كبير جدا، كما أنها اصبحت مدرجة في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الاطفال في الامم المتحدة الى جانب السعودية، بل ركزت عليها التقارير الدولية الخاصة بفريق خبراء مجلس الامن ومجلس حقوق الانسان بشكل سلبي، سواء من حيث انشاء مليشيا مسلحة خارج اطار الدولة بما يتنافى مع القرارات الدولية، او من حيث انشاء السجون السرية والتورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان.. الخ.

ان ما ينطبق على الامارات في هذا السياق ينطبق على السعودية، الا ان السعودية تجد نفسها ملزمة بمواصلة العمل في هذه المرحلة وان بطريقة مختلفة، ولذا فان الرياض تعمل بالتوازي، ففي حين انها تستقدم قوات عسكرية للسيطرة على عدن وملء الفراغ الذي تتركه الامارات، فهي في نفس الوقت، تحاول انجاز هدنة عسكرية غير معلنة مع صنعاء، لتخفيف الضربات على العمق السعودي، خصوصا بعد ضربة “ارامكو” الاخيرة، مستفيدة من مبادرة الرئيس المشاط، ومستعينة بوساطة باكستانية لا تزال نتائج جهودها غير معلنة حتى الآن.

من جهة اخرى تجتهد الرياض في تسريع الاتفاق بين مكونات المرتزقة ممثلة بحكومة الخائن هادي، مع ما يسمى المجلس الانتقالي في عدن المحتلة، وهو الاتفاق الذي يحمل اسباب وبوادر فشله بداخله، وقد ظهرت بعض بنوده الى العلن، قبل التوقيع عليه من قبل الطرفين الخصمين، وقد مارست الرياض ضغوطا كبيرة على طرفي الصراع في عدن، وانتزعت منهم تنازلات كبيرة، مثلت خسارة لرصيد كل منهما امام جمهوره، وقد انعكست في حالة من السخط والرفض لدى اعضاء في حكومة هادي، عبروا عنها بشكل علني، فيما حاول قادة الانتقالي الترويج لانجاز وهمي حصلوا عليه في الاتفاق، في مغالطة واضحة لجمهورهم، الذي شعر بخذلان قادة الانتقالي، وبيع دمائهم، وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون دولة كاملة جنوبية، اذا بهم ينضوون في حكومة تقر بشكل او بآخر بيمن واحد، لا شمال فيه ولا جنوب، بغض النظر عن فكرة الاقاليم، بما يشكله ذلك من اعتراف بالدولة اليمنية الواحدة، والعمل تحت رايتها، وتمزيق راية الانفصال، بالاضافة الى التمثيل الضئيل في الحكومة، حيث نص الاتفاق على مناصفة بين الشمال والجنوب فيها، وفقا لمخرجات الحوار الوطني، وهو ما يعني ان نصيب الانتقالي فيها لن يتجاوز ربع اعضاء الحكومة.

وفي القراءات الآنية لاتفاق جدة المرتقب فهناك من يرى فيه مؤشرا لانسحاب السعودية ايضا بعد الامارات من هذه الحرب، لذات الاسباب التي دفعت الامارات للانسحاب، وان السعودية تسعى من خلال الاتفاق الى ترتيب اوراقها قبل الذهاب الى جولة جديدة من المشاورات برعاية الامم المتحدة بين الاطراف اليمنية، وهو الامر الذي عبر عنه وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، عندما اعلن الان اتفاق جدة، سيقوي موقف حكومة هادي في الجولة القادمة من المفاوضات، هذا من جهة، وهذا لا يعني ان الحرب ستتوقف في اليمن، وانما ستنتقل الى مرحلة حرب بالنيابة لتخرج السعودية من الميدان بهزيمة غير معلنة، بينما تعمل على دعم ادواتها للاستمرار في الحرب كحرب يمنية يمنية، وتترك لنفسها حرية التدخل بالقصف او الغارات الجوية متى ارادت، او شعرت بميل الكفة عليهم.

المهم من كل هذا هو ان التحالف الذي انشأته الرياض في 26 آذار/ مارس 2015، فقد اليوم اهم اعضائه، لتصبح الرياض وحيدة، ولو بقيت في حربها الخاسرة، فلن تكون قادرة على تحمل المزيد من الأعباء والتبعات المالية، والاقتصادية، والسياسية، والاخلاقية، والعسكرية أيضاً.