النباء اليقين

لماذا المولدُ النبوي وادّعاءات كُـلّ عام؟

الهدهد / مقالات

إبراهيم السراجي

في كُـلِّ عام ومع قدوم ذكرى المولد النبوي الشريف يكرِّرُ الأعداءُ أُسطواناتِهم المعتادةَ في محاولتهم لثني الشعب اليمني عن التعبير عن موقفه تجاه ما يحدث انطلاقاً من هُويته العربية الإسلامية والعربية.

وصحيحٌ أن تلك الأُسطواناتِ قد سقطت، وفي كُـلّ مرة كانت تؤتي نتائجَ عكسيةً على غير هوى الأعداء، إلا أنه ما يزالُ من المهم تناوُلُ مضامين دعاوى وحملات أُولئك العدوان لفهم كيف يفكرُ العدوُّ وإلى ماذا يهدفُ؟ وبالتالي فهْمُ أهميّة هذه المناسبة وأهميّة الاحتفاء بها بالطريقة المشرّفة والتي عادةً ما تمثل انتصاراً للشعب اليمني وهزيمةً لأعدائه على المستوى الفكري وإضافةً للرسائل القوية التي توجِّـهُها مظاهرُ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

أولُ أسلحة الأعداء لتشويه المناسبة هي تلك الادّعاءاتُ التي تزعُمُ أنه يتم صرفُ مبالغَ خياليةٍ لإقامة احتفالات المولد النبوي الشريف، وهنا نقول أوَّلاً إن إحياءَ المناسبة قائمٌ بشكل أَسَاسي على التحَرُّك الشعبي والإقبال على ساحات الاحتفال، بالإضافةِ إلى إعادة تعليق الزينة الخضراء في الشوارع والحارات والمكوّنة من أقمشة يجري تخزينُها وإعادةُ استخدامها في كُـلّ عام، وبالتالي ليس هناك من تكاليفَ ماديةٍ كبيرة لإقامة الفعاليات، وثانياً نتساءل: هل فعلاً لدى أُولئك الحرصُ على أموال اليمنيين؟.. إن ادّعاء الحرص هذا مثيرٌ للسخرية والاشمئزاز معاً؛ لأَنَّ هذا الادّعاء يصدُرُ من قبَلِ مَن حاصروا وجوّعوا اليمنيين ودمّــروا كُـلّ مقدراتهم وعمدوا إلى قطع مرتباتهم؛ بهَدفِ تركيعهم، وهو ما أكّـدته تقاريرُ فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالتحقيق في الجرائم التي تحدُثُ في اليمنِ والذي أكّـد في تقاريره السنوية الأربعة أن العدوانَ ومرتزِقتَه يستخدمون التجويعَ والحصارَ كورقة في الحرب على اليمن فكيف نصدِّقُ أنهم حريصون على اليمنيين، ناهيك عن كذب ادّعاءاتهم حول تكاليف إقامة فعاليات المولد النبوي الشريف.

أما ثاني أسلحة الأعداء فهو إعادةُ تدوير الفتاوى الوَهَّــابية بأن الاحتفالَ بالمولد النبوي الشريف من البِدَع، وهذا السلاحُ بات محطَّ سخرية خُصُوصاً في السنوات الأخيرة، حيث بدأت معقلُ الوَهَّــابية (السعودية) في التوجُّـهات الجديدة تقيم الاحتفالات وتطلق الألعاب النارية رأس السنة الميلادية التي هي ذكرى مولد النبي عيسى عليه السلام بل وتحتفل بذكرى ميلاد بن سلمان وما تسميه بالأعياد الوطنية التي كانت محرَّمةً بفتاوى رسمية معلَنة، بالإضافة إلى أن بن سلمان اعترف في مقابلته مع مجلة التايم الأمريكية أن السعوديةَ نشرت الوَهَّــابيةَ بطلب من حليفها الأمريكي لمواجهة الاتّحاد السوفييتي في الثمانينيات، وأن الفكرَ الوَهَّــابيَّ ليس فكرَ السعودية، وبالتالي كيف يُعيدُ الأعداءُ تدويرَ الفتاوى الوَهَّــابية بشأن المولد النبوي الشريف؟

ننتقل إلى ثالثِ أسلحة الأعداء وهو قولُهم إنه يجري تسييسُ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وهنا نقول: إذَا كانوا يزعُمون حُرمةَ الاحتفال بالمولد النبوي فما شأنُهم إن تم تسييسُه أم لا؟ ثم ماذا يعني تسييسُ الاحتفال بالمولد؟ هل هو التعبير عن مواقفِ اليمنيين تجاه العدوان خلال فعاليات الاحتفال؟ فما المانعُ أن يَنطلِقَ اليمنيُّ من هُـوِيَّته الإسلامية المحمدية للتعبير عن مواقفه فلولا هذه الهُـوِيَّة لما استطاع الصمودَ بوجه أعتى وأكبر تحالف عدواني دولي.

أخيراً بإمْكَان اليمنيين أن يخرجوا في أكبرِ مسيرات في تاريخ اليمن؛ للتعبير عن رفضهم للعدوان في أيِّ يومٍ من الأيّام العادية، لكن الشعبَ اليمنيَّ يختار ذلك في ذكرى المولد النبوي ليؤكّـدَ للعالم أنه ينطلقُ من هُـوِيَّته الإسلامية ونهجه المحمدي في مواجهته مع أعدائه.

من خلاصة ما سبق نستنتج أن الأعداءَ يشهرون أسلحتَهم؛ لتشويه المناسبة للسبب الحقيقي وهو أن أمريكا وإسرائيل والغربَ بذلوا على مدى عقود جهوداً كبيرةً لإبعاد المسلمين عن هُـوِيَّتهم وفصل مواقفهم وتحَرّكهم عن الارتباط بنبيهم محمدٍ صلى اللهُ عليه وآلَه وسلم واليوم يجدُون أن مؤامراتهم ومخطّطاتهم تنهارُ في اليمن المتمسك بهُـوِيَّته وانتمائه للإسلام وارتباطه بنبيه.